واما ما اشتهر من ان الوجوب هو طلب الفعل مع المنع من الترك فالظاهر كما أفاده المحقق الخراساني (ره) (١) انهم في مقام تحديد تلك المرتبة البسيطة من الطلب وتعينها ، فالمنع من الترك ليس من اجزاء الوجوب ومقوماته ، بل من خواصه ولوازمه ، بمعنى انه لو التفت إلى الترك لما كان راضيا به لا محالة وكان يبغضه البتة.
واما القول الثالث : وهو دلالة الامر على النهي عن ضده بالالتزام ، بمعنى ثبوت الملازمة بين الامر بالشيء والنهى عن ضده فدعواه وان كانت معقولة ، وقد اختاره المحقق النائيني (ره) (٢).
ولكنها غير صحيحة : وذلك لان النهي يكون ناشئا عن المفسدة ، والامر عن المصلحة فالأمر بالشيء يكشف عن المصلحة فيه ، وهذا لا يلازم ثبوت المفسدة في تركه كي يكون ذلك مقتضيا للنهي عنه ، بل لا يكون الترك الا ترك ما فيه المصلحة ، وان أردت ان تطمئن نفسك فراجع الأوامر العرفية حيث ترى بالوجدان ان الامر بالشيء لا يلازم المفسدة في تركه ، فالالتزام باقتضاء الامر بالشيء للنهي عن ضده ، بإرجاع كل أمر إلى حكمين ، احدهما متعلق بالفعل ، والآخر بتركه ويكون الترك مخالفة لحكمين وموجبا لاستحقاق عقابين مما لا يمكننا المساعدة عليه.
__________________
(١) كفاية الأصول ص ١٣٣ (الأمر الثالث).
(٢) أجود التقريرات ج ١ ص ٢٥٢ وفي الطبعة الجديدة ج ٢ ص ٧ قوله : وأما دعوى الدلالة عليه بالالتزام ... فليست ببعيدة.