ونقيض الترك انما هو رفعه ورفع الترك يلازم الفعل مصداقا وليس عينه فكما ان هذه الملازمة تكفي في إثبات الحرمة لمطلق الفعل فكذلك تكفى في المقام ، غاية الامر ان ما هو النقيض في مطلق الترك انما ينحصر مصداقه في الفعل ، واما النقيض للترك الخاص فله فرد ان وذلك لا يوجب فرقا فيما نحن بصدده.
وأجاب عنه المحقق الخراساني (١) بالفرق بين الموردين بأن الفعل في الأول لا يكون إلا مقارنا لما هو النقيض من رفع الترك المجامع معه تارة ومع الترك المجرد أخرى ، وحرمة الشيء لا تسري إلى ما يلازمه فضلا عما يقارنه احيانا ، وهذا بخلاف الفعل في الثاني فإنه بنفسه يعاند الترك المطلق وينافيه لا انه ملازم لما يعانده وينافيه ، فلو لم يكن عين ما يناقضه مفهوما لكنه متحد معه عينا وخارجا فإذا كان الترك واجبا لا محالة يكون الفعل منهيا عنه.
ويرد عليه أولاً ، ان المركب من أمرين ليس له نقيض واحد بل له نقيضان ، أي لكل منهما نقيض ، فيكون نقيض المركب مجموع النقيضين ، واما المركب من حيث هو فلا نقيض له ، وعليه فبناء على اختصاص الوجوب بالموصلة الواجب هو الترك المقيد بالإيصال ، فيكون نقيضه الفعل مع عدم الإيصال ، أي نقيض الترك هو الفعل ، ونقيض الإيصال عدمه وليس له نقيض واحد.
فإذا كان نقيض الواجب حراما يكون الفعل مع عدم الإيصال ، محكوما بالحرمة فلا محالة تنحل الحرمة كالوجوب فيكون الفعل أيضا محكوما بالحرمة غاية الامر حرمة ضمنية.
__________________
(١) كفاية الأصول ص ١٢١.