لأجل عدم وصول المولى إلى غرضه لعلوه عما ينشأ من الجهة الحيوانية علوا كبيرا ، ولا لأجل عدم وصول العبد إلى الغرض المترتب على المتعلق إذ عدم تحصيل الغرض في نفسه لا يوجب استحقاق العقاب ، ولا لأجل تأديب العبد لئلا يعود إلى مخالفته المولى فإن هذا انما يحسن في دار التكليف لا في النشأة الآخرة التي ليست دار التكليف ، وليس لأجل إزالة القذارات الحاصلة بالمخالفة ليصير العبد لائقا لحضور مجلس السلطان وطاهرا قابلا لتنعمه بنعم دار الآخرة لعدم اجتماعه مع الخلود في العذاب فتدبر.
بل العقاب انما يكون بملاحظة أحد أمور ثلاثة.
الأول : بلحاظ جعل الشارع بدعوى ان قاعدة اللطف المقتضية لإرسال الرسل وانزال الكتب ، وبيان الأحكام واعلام العباد ما فيه الفساد أو الصلاح ، تقتضي تأكيد الدعوة في نفوس العامة بجعل العقاب.
الثاني : بملاحظة الحكم العقلي العملي الذي من شانه ان يدرك ما ينبغي فعله أو تركه أي القوة المميزة للحسن والقبح باعتبار مدركاته وهو يدرك ان مخالفة المولى خروج عن ذي الرقية ورسم العبودية فهو بذلك يصير ظالما وفاعل الظلم يستحق الذم من العقلاء والعقاب من الشارع بادراك من العقل.
الثالث : بملاحظة العلاقة اللزومية بمعنى ان أفعال العباد لما لها من الصور في هذا العالم تكون مادة لصور في عالم الآخرة ملائمة أو منافرة وتستعد لافاضة صورة كذائية ، ولكن الأخير مخالف لظاهر الآيات والروايات ، فالمتعين هو الأولان.