أحد شيئا من المال (١) ، ولإرادة إخراج المال كلّه على التبرّع خصّ الزكاة بعده بالذكر ، فقال : (وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ)(٢) ، وأراد بهذه الآية ما يحصل للإنسان به تمام العبادة. وفعل الإحسان. وذلك لعبادة الله المتعرية عن الرياء ، ومراعاة هؤلاء بالإحسان ، فإن قيل : لم قدم الجار على ابن السبيل وله حق واجب في المال؟ قيل : ابن السبيل الذي له حقّ في المال هو الفقير ، ولم يقصده بهذه الآية ، وإنما المقصود تفقّد المذكورين على سبيل التبرّع ، وحقّ الجار أوكد من حقّ الغرباء. ألا ترى أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه يورثه» (٣)؟ إن قيل : كيف قال : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً؟)(٤) قيل : المختال
__________________
(١) لم أقف على هذا القول فيما بين يدي من كتب التفسير.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ١٧٧.
(٣) رواه البخاري في كتاب الأدب ، باب «الوصايا بالجار» رقم (٦٠١٤) (٦٠١٥) ، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب ، باب «الوصية بالجار والإحسان إليه» رقم (٢٦٢٤ ، ٢٦٢٥). وأبو داود في كتاب الأدب ، باب «في حق الجوار رقم (٥١٥١ ، ٥١٥٢) ، والترمذي وقال : حسن صحيح ، في البر والصلة ، باب «ما جاء في حق الجوار» رقم (١٩٤٢ ، ١٩٤٣) ، وابن ماجه في كتاب الأدب رقم (٣٦٧٢ ، ٣٦٧٣) ، والطحاوي في شرح المشكل (٢٧٨٥ ـ ٢٧٩٠) ، وابن حبان رقم (٥١١) ، وابن أبي شيبة (٨ / ٥٤٥) ، والبيهقي (٦ / ٢٧٥ ، ٧ / ٢٧).
(٤) سورة النساء ، الآية : ٣٦.