وقوله تعالى : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَ) الكلام على هذه الجملة كالكلام على ما ذكر في أمر الرجال ، والخلاف كالخلاف.
فعلى كلام الفقهاء : لها أن تنظر من الأجانب إلى وجوههم وأكفهم ، وإن كان الغض أحسن ، وعليه حديث ابن أم مكتوم أنه دخل على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعنده أم سلمة وميمونة ، وذلك بعد الحجاب فأمرهما النبي عليهالسلام بالاحتجاب عنه فقالا : يا رسول الله أليس قد عمي ، فقال : «أفعمياوان أنتما» فيحملون ذلك على الاستحباب ، والمذهب على الوجوب.
وللمرأة أن تنظر إلى غير العورة من المحرم ، ويدخل في ذلك البطن والظهر لعادة المسلمين من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن بعدهم أنهم لا يتحرزون بستر بطونهم وظهورهم عن محارمهم.
وقيل : لا تنظر منه إلا ما ينظر منها وفيه بعد (١) ، كذلك أن تنظر إلى الرجال للحاجة من شهادة عليه ، ويلزم جواز النظر للمبايعة منه ومنها إن أحوج إلى ذلك ، وأمن مقارنة الشهوة ، وكذا تنظر إلى الخاطب كما ينظر إليها ، وقد ذكر ذلك أصحاب الشافعي.
وفي الانتصار ، والشفاء : لكن جوز أبو حنيفة ، وأصحاب الشافعي والقاضي زيد نظر الخاطب إلى وجه المرأة وكفيها.
وخرج أبو طالب ليحيى : إلى الوجه فقط ، وهو قول محمد بن يحيى ، والأوزاعي.
__________________
(١) قال في صدر الشريعة : وتنظر المرأة من المرأة كالرجل من الرجل وكذا من الرجل إن أمنت شهوتها. وظاهر هذا أنه يجوز لها تنظر من الرجل مثل ما ينظر الرجل منه خلاف نقل الفقيه يوسف تمت.