وقيل : هجروا قرناء السوء ، وجاهدوا أنفسهم على ملازمة أهل الخير ، وصبروا على ما فعل معهم الكفار.
وقيل : على مشاق الإيمان.
وثمرة ذلك :
صحة التوبة من الكفر ، ـ وذلك معلوم ـ ، وهذا على قراءة من قرأ (فتنوا) ـ بفتح الفاء والتاء ـ وكذا صحة توبة المرتد على قراءة (فتنوا) ـ بضم الفاء ـ ، وأن الكافر ما جنى حال كفره يسقط بالإسلام ، والترغيب في الهجرة عن دار الكفر ، وعن قرناء السوء ، وأن حال الصابر على العذاب والكف عن النطق بكلمة الكفر : أفضل.
لكن في الآية إجمال ، وكونه تعالى قرن ذلك بالجهاد دلالة على وجوبها ، ولها شروط قد ذكرت في غير هذا المكان.
قوله تعالى
(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ)
المعنى : أهل قرية فحذف المضاف ـ لدلالة الحال عليه ـ مثل (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) ، والمراد ضرب أهل هذه القرية مثلا لكل قوم أنعم الله عليهم ، فأبطرتهم النعمة فكفروا.
قيل : أراد بالقرية مكة ، : عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ؛ وذلك أن الله تعالى أنعم عليهم فكانوا آمنين لا يقاتلهم أحد ، ومطمئنين لا يزعجهم خوف ؛ لأن الطمأنينة مع الأمن والانزعاج مع الخوف.
(يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً) يعني واسعا.