وقد قال في (شرح الإبانة) : أنه لا يضمن الساحر عندنا ، وأبي حنيفة ، ويضمن عند الشافعي.
ولا يقال : فلم وجب الضمان والقود إذا قتل بالسم أو بالإحراق مع أن الإحراق ومضرة السم فعل الله ، لأن المضرة بالسم والإحراق معلومة.
قوله تعالى
(ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) [يوسف : ٧٠]
هاهنا سؤال وهو أن يقال : احتباسه لأخيه بغير حق لا يستباح في الظاهر ، مع ما في ذلك من حزنه وحزن أبيه ، وحزن إخوته ، وتسريقهم وليسوا بسارقين ، وإدخال التهمة عليهم ، والقول بأنهم سارقون ظاهره الكذب؟
جواب ذلك : أن يقال : أما حبس أخيه فعن أبي علي : كان بموطأة بينهما ، ورضاء منه ، وحبسه بسبب لا يمكن أقل للحزن مع يعقوب من حبسه بغير سبب باطل.
وقيل : يجوز مع الغم المذكور ؛ لأن فيه دفع غموم كثيرة ، وفعل الأقل لدفع الأكثر جائز ، أو كان فعل ذلك بوحي ، ولهذا قال تعالى : (كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ) يعني علمناه إياه وأوحينا إليه به.
وأما إيراث التهمة عليهم ـ فبعد معرفة نبوتهم ـ تزول التهمة ، وأما النطق بما ظاهره الكذب ففي ذلك وجوه :
الأول : أن هذا من قول الأعوان لا من قول يوسف ، وإنما قالوا ذلك تهمة منهم.
وقيل : في ذلك تورية بأن المراد لسارقون يوسف من أبيه في سبب أخذكم له.