أوصاه ؛ لأنه مسبب ، وهذا يرد في صور كثيرة ، مثل المبتدئ بالسلام يكون ثوابه أكثر ؛ لأنه مسبب للرد.
وأهل البدع والمكوس يعاقب الشارع لها ، وكذا من شرع طريقا في أرض الغير ظلما عوقب على مرور غيره وما أشبه ذلك.
أما لو كان الفعل حسنا في نفسه قربة أو مباحا ، ولم يقصد فاعله أمرا محذورا ، كأن يعمر معقلا ليكون هيبة على الكفار أو نسلم من الظلمة ، ثم حصل بذلك ظلم من ذريته أو من غيرهم لتقويتهم بذلك فلا شيء عليه.
قوله تعالى
(وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) [النحل : ٤١]
قيل : أراد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه حين ظلمهم أهل مكة فروا بدينهم إلى المدينة ، ومنهم من هاجر إلى الحبشة ، ثم أتى المدينة فجمع بين الهجرتين.
وقيل : هم المعذبون في مكة بعد هجرته صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المدينة منهم : بلال ، وصهيب ، وخباب ، وعمار.
وروي : أن صهيبا استفدى بماله وهاجر إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال له أبو بكر : (ربح البيع) ، وقال عمر : (نعم الرجل صهيب ، لو لم يخف الله لم يعصه).
وثمرة ذلك :
أن الهجرة مشروعة عند خشية الفتنة ، ولهذا قال تعالى : (مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) وإنما يعتد بها إذا كانت لوجه الله تعالى ، ولهذا قال تعالى : (فِي اللهِ) أي : لله.
وتدل القصة : على حسن الفداء بالمال لطلب الهجرة كما فعل صهيب ، ولم ينكر.