النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور : ٣٠ ، ٣١]
اعلم أنا نتكلم على ما تقتضيه دلالة اللفظ في هذه الجملة ، وبيان المخرج من [مقتضى] دلالة اللفظ.
قوله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ)
إنما خص المؤمنين ؛ لأنهم الذين ينتفعون بالإرشاد والأمر ، وإن كان الخطاب بالواجبات عاما خلاف أبي حنيفة في الواجبات الشرعية.
وقيل : إنما خص المؤمنين ؛ لأنه تعالى أراد تزكية المؤمنين وتطهيرهم ، فلذلك خصهم.
وقوله تعالى : (يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) الغض الكف.
وقوله تعالى : (مِنْ أَبْصارِهِمْ) قيل : إن من زائدة وقيل : للتبعيض :
عن أبي مسلم ؛ لأن بعض النظر جائز إجماعا.
وقيل : هي لابتداء الغاية ، والأخفش يجوز أن تكون مزيدة في الاثبات ، وسيبويه يمنعه ، فإن جعلتها للتبعيض كانت الدلالة مجملة ؛ لأن الممنوع البعض ، ولم يبيّن ، وإن جعلتها زائدة أو للابتداء فهي واردة على العموم ، وهو يخرج من ذلك أمور مجمع عليها نحو النظر إلى الزوجات والإماء لشهوة وغير شهوة ، ومثل النظر إلى الرجال لغير شهوة ، وكذلك المحارم خلا العورة منهن ، ومن الرجال ، فيكون المراد يغضوا من النظر إلى ما يحرم ، والاقتصار على ما يحل ، لكن ما يكون الأصل هل التحليل ، وما حرم فبدليل وعكسه ، وهذا يبتني على أصل وهو أن العقل يقضي بإباحة ما يستلذ به ، ولا مضرة فيه على الغير ، والشرع ناقل.
وقد ورد بوجوب النظر في حال ، وتحريمه في حال ، وكراهته في حال ، وندبه ، وإباحته.