وعن أبي موسى الأشعري أنه قال أتى باب عمر ـ رضي الله عنه ـ فقال : السّلام عليكم ، أأدخل قالها ثلاث مرات ثم رجع ، وقال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «الاستئذان ثلاث».
وروي أنه لما روي ذلك قال له عمر : لتأتين ببينة وإلّا عاقبتك ، فأتى بمن سمعه معه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
وبعد الثلاث ، أو الأمر بالرجوع لا يلح في طلب الإذن ، ولا يقف على الباب ؛ لأن ذلك مما يجلب الكراهة ، ويقدح في القلوب.
قال جار الله : وإذا نهى عن ذلك لما يؤدي إليه من الكراهة وجب الانتهاء عما يؤدي إليها من قرع الباب بعنف ، والتصييح بصاحب الدار ونحو ذلك.
وعن أبي عبيد ـ رحمهالله ـ : ما قرعت بابا على عالم قط ، وكفى بقصة بني أسلم زاجرة ، وما نزل فيها من قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) [الحجرات : ٤].
الحكم الرابع : يتعلق بقوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ) وقد أفادت جواز الدخول ، وفسر ذلك بالخانات والرّبط وحوانيت البياعين ، وفي الحديث أن أبا بكر قال : يا رسول الله إن الله قد أنزل عليك آية الاستئذان ، وإنا نختلف في تجارتنا فننزل هذه الخانات أفلا ندخلها إلا بإذن ، فنزل قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) الآية ، وهذا مروي عن قتادة.
وقيل : أريد بذلك الخرابات يتبرز فيها ، والمتاع التبرز ، وهذا مروي عن عطاء ، وقيل : هو عام.
وقوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ) هذا توعد لمن دخل الأماكن الخالية من أهل الريبة.