قال جار الله : وكم من باب من أبواب الدين عند الناس كالشريعة المنسوخة قد ترك العمل بها ، وباب الاستئذان من ذلك ، ثم إن الاستئذان على ضربين صريح وكناية ، فالصريح هو أن يقول الداخل : أندخل عليكم ، والكناية أن يكون بالتسبيح والتكبير ، والتحميد والسّلام ، والتنحنح وقرع الباب.
وعن أبي أيوب الأنصاري قلنا : يا رسول الله ما الاستئناس؟ قال : «يتكلم الرجل بالتسبيحة والتكبيرة ، والتحميدة والتنحنح ، يؤذن أهل البيت».
الحكم الثاني : يتعلق بقوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ).
قال جار الله : يحتمل فإن لم تجدوا فيها أحدا من الآدميين فلا تدخلوها إلا بإذن أهلها ؛ لأن الاستئذان لأحد أمرين :
الأول : ما تقدم وهو خشية وقوع البصر على العورة.
والثاني : لئلا يقف على الأحوال التي يطويها الناس في العادة عن غيرهم ، ولأن ذلك تصرف في ملك الغير بغير إذن فنهى لئلا يكون الداخل بغير إذن كالغاصب.
الحكم الثالث : يتعلق بقوله تعالى : (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا).
واعلم أنه قد تضمن ذلك أنه لا يدخل مع عدم الإذن ، وأنه يرجع إن أمر بالرجوع ، والاستئذان ثلاث مرات على ما روي في الحديث ، فإن أذن له وإلا رجع ، وفي حديث أبي أيوب قلنا : يا رسول الله ما الاستئناس؟ قال : «يتكلم الرجل بالتسبيحة والتكبيرة والتحميدة ، ويتنحنح ، يؤذن أهل البيت» والتسليم أن يقول : السّلام عليكم ، أأدخل ثلاث مرات؟ فإن أذن له وإلّا رجع.