كان الدخول على زوجته أو أمته التي يحل له نظر عورتها لم يجب ، ولكن يستحب ؛ لأنها تكره أن يطلع عليها على بعض الحالات ، وليس ذلك من حسن المعاشرة ، وهذا حيث يكون عادة المدخول عليه ، ترك التستر أو تختلف العادة ، فإن كانت العادة أنهن يتسترن لم يجب الاستئذان ، وكذا إذا عرف الداخل أن مع المدخول عليه مثله فلا يجب الاستئذان لأجل العورة ، لكن يتبع العرف في الدخول بالإذن وعدمه ، فدور القضاة والولاة ونحوها ممن يجتمع عندهم الناس لا يستأذن ، وفي غير ذلك يستأذن.
قال جار الله ـ رحمهالله ـ : والدخول العارض من حريق دار ، أو هجوم سارق ، أو ظهور منكر يجب إنكاره مستثنى بالدليل ، وإنما يكون الاستئذان حيث لم يدع الداخل ، فإن دعي للدخول ففي ذلك معنى الاستئذان ، وهذه آية عامة في الأوقات والأشخاص.
قال العلماء ـ رضي الله عنهم ـ : وقد خص العبيد والصبيان بالدخول في غير الأوقات الثلاثة التي ذكرها الله في هذه السورة : (لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ) فخرج الصبيان والمماليك ؛ لأن العادة لما كانت جارية بتكرر دخولهم خصوا لئلا يشق ، وأخرجت الأوقات الثلاثة عن التخصيص ؛ لأن الصحابة كانوا يصلون إلى أهليهم فيها.
قال الشيخ أبو جعفر : ويجب الاستئذان على النساء الذميات ؛ لأن العلة للوجوب حاصلة ، فأما ما روي عن علي عليهالسلام أنه لا حرمة للنساء الذميات ، فالمراد لا يؤمرن بالتستر ، ولكن يجب غض البصر عنهن ، وكان أهل الجاهلية إذا دخل الرجل بيتا غير بيته يقول : حييتم صباحا وحييتم مساء ثم يدخل ، وربما أصاب الرجل مع امرأته في لحاف واحد ، فصد الله عن ذلك ، وعلم الأحسن الأجمل.