قوله تعالى
(فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) [النور : ٤]
هذا خطاب للأئمة كما تقدم في حد الزنى ، لكن لا بد من دعوى في حد القذف من المقذوف ذكره أبو طالب ، ومحمد بن الحسن ؛ لأن الشين والغضاضة تعلق به ، فاشترط طلبه وإن كان الحد حقا لله.
ولا يمتنع أن يكون الحد لواحد ، والمطالبة لآخر كالوكيل بالبيع له المطالبة بالثمر ، والثمر للموكل ، وكذلك الوكيل يقبض المبيع.
قال في الشرح : وهكذا حد السرقة القطع حق لله تعالى ، والمطالبة إلى المسروق (١) ، إذ لو لم يطالب لم يقطع.
وعن المؤيد بالله في حد السرقة : تصح الشهادة من غير دعوى المسروق. وتتعلق بهذه الجملة أحكام :
الأول : أنه إذا ثبت القذف وجب الحد ، وقد يسقط بإقرار المقذوف ، ونكوله عن اليمين ، ذكره المؤيد بالله في الزيادات ، فإذا قال القاذف أحلف ما زنيت ، ونكل سقط الحد عن القاذف ، وإن لم يحد الناكل ، وهكذا فرعه من المتأخرين السيد يحيى ، والفقيه يحيى.
وقال الفقيه محمد بن يحيى : لا يطالب أحد باليمين أنه ما زنى ، كما لا يطالب باليمين أنه ما شرب ، وكذا يسقط بإقامة البينة.
وأما بعفو المقذوف فهذه مسألة خلاف بين المجتهدين :
فظاهر قول القاسم ، وأبي حنيفة ، والثوري ، والأوزاعي : أنه لا يسقط بعفو المقذوف ؛ لأنه حق لله تعالى كسائر الحدود ، فلا يسقطه المقذوف لا قبل الرفع ولا بعده.
__________________
(١) إلى المسروق عليه تمت.