القذف مشوب بحق الله ، وفرق بين ذلك وبين القطع إن سرق من مال ولده أن الوالد له شبهة في مال ولده ، بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنت ومالك لأبيك».
وأما من أسقط الحد في قذف الوالد لولده فيقول : قوله تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما) فيه نهي عن أذية الولد لوالده على طريق العموم ، ولهذا لم يقد بولده ولم يقطع إن سرق ماله.
قال المنصور بالله في المهذب : لا يحد الوالد بقذف ولده ، ولا يعزر ، ولا يفترق الحال في القاذف بين أن يكون ذكرا ، أو أنثى ، أو خنثى ، ولا فرق بين أن يكون مسلما ، أو ذميا ، ولا فرق بين أن يكون حرا ، أو عبدا إلا في كمية حد العبد إذا قذف ، فعندنا ، والجمهور : أنه ينصف له كما ينصف له الحد إذا زنى ، وهذا مروي عن الخلفاء الأربعة ، وابن عباس.
وقال الأوزاعي ، وهو محكي عن ابن مسعود : إنه يجلد ثمانين كالحر تعلقا بعموم الآية.
قال في النهاية : وهذا مروي عن عمر بن عبد العزيز ، وأبي ثور ، وداود.
وأما بيان الذمي فقد جعلت الآية الكريمة الأحكام المذكورة في المحصنات ، وهذا يدخل فيه النساء بلا إشكال.
وأما الذكور فلا خلاف في أن قاذف الذكر المحصن يحد كحد قاذف المرأة المحصنة ، ولكن اختلفوا من أين أخذ حده؟
فقيل : إنه داخل في الآية ، وأن المراد بالمحصنات الفروج أي الفروج المحصنات ، أي الممنوعة من المحظور ؛ لأن الإحصان صفة الفرج بدليل قوله تعالى : (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) [الأنبياء : ٩١] فكان الظاهر يتناول الذكر والأنثى.