فهذه شبهة موضوعية تشكل منها علم إجمالي بوجوب أحد الفردين ، وهذا العلم الإجمالي نشأ من تردّد القيد بين الفردين ، وحينئذ يقال : بأنّ العلم الإجمالي لا يكتفي في مقام امتثاله بإكرام زيد وحده ، أو عمرو وحده ، بل لا بدّ من إكرام كلا الفردين وهذا معنى انّ العلم الإجمالي يؤثر بنفسه في وجوب الموافقة القطعية.
وبرهان ذلك هو ، انّ العلم هنا ، تعلّق بوجوب إكرام العالم ، ووجوب إكرامه ينحل إلى العلم بوجوبين ضمنيين ، أحدهما : وجوب ذات الإكرام ، والآخر : وجوب إكرام متقيد بكونه عالما ، ولهذا لو أكرم غير العالم ، لم يكن ممتثلا ، إذن ، فالتقيد مأخوذ تحت الأمر ، أي أنّه داخل في العهدة ، إذن ، كلا هذين الوجوبين داخل في عهدة المكلّف للعلم بهما وخارج عن اللّابيان إلى البيان ، وحينئذ ، لا يمكن الخروج عن عهدتهما إلّا بإكرام كلا الفردين حيث أنّه بإكرامهما تتحقّق الموافقة القطعية بناء على الأصل الموضوعي كما تقدّم ، ومن الواضح انّ هذا المكلّف لو أكرم زيدا فقط ، فهنا تحقّق الإكرام لكن لم يحرز تقييد الإكرام بالعالم وإن كان زيد أحد طرفي العلم الإجمالي لأنّه لم يحرز انطباق التقييد المعلوم وجوبه على ما وقع خارجا ، والمفروض هو أن مقتضى قاعدة انّ الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ، هو لزوم الإتيان بإكرام كلا الفردين لكي يحصل جزم بأن تقيد الإكرام بالعالم قد تحقّق خارجا.
إذن ففرق بين موارد الشّبهات الموضوعية وموارد الشّبهات الحكمية ، ففي الحكمية لم يعلم بعروض الوجوب إلّا على الجامع بين الفعلين ، وهذا الجامع بما هو جامع معلوم الانطباق على الفرد المأتي به خارجا ، إذن فالموافقة القطعية على ما علم بوجوبه حاصلة ، وهذا بخلافه في الشّبهات الموضوعية ، حيث أنّه لم يعلم بوجوب إكرام