وقوع الخطأ ، لأنّها غير مضمونة الحقّانية لا بالذات ، ولا بانتهائها إلى ما يكون مضمون الحقّانيّة بالذات.
وبناء عليه : يمكن للمحدث الأسترآبادي «قده» أن يشكل على هؤلاء ، بأنّ قواعد علم المنطق الّتي تعصم الفكر عن الخطأ ، هل هي ضرورية بديهية كبرى وتطبيقا ، أو انّها ليست بديهية كذلك ، أو انّها على الأقل بعضها ليس بديهيا؟.
فإن قالوا : بأنّ القواعد المذكورة بديهية كبرى وتطبيقا ، قلنا : انّ هذا خلاف الوجدان بالضرورة ، لأنّها لو كانت كذلك لما وقع خطأ بحسب الخارج أصلا كما هو الحال في كثرة الأخطاء في العلوم النظرية البرهانية ، وهذا يبرهن على عدم بداهتها كبرى وتطبيقا.
وإن قالوا : انّها ليست بديهية كبرى ، قلنا : إذن سوف يقع الخطأ في نفس القواعد العاصمة.
وإن قالوا : انّها ليست بديهية تطبيقا ، قلنا : إذن سوف تحتاج إلى عاصم آخر في مرحلة التطبيق غير القاعدة المنطقية ، بعد فرض عدم عصمتها في مرحلة التطبيق ، وحيث لا عاصم آخر ، إذن فتنشأ الأخطاء الكثيرة.
هذا غاية ما يمكن أن يجيب به الأخباري على كلام الأصوليين بناء على التصور المعروف للمعرفة البشرية.
وهذا الجواب هو أفضل ممّا ذكره المحدث الأسترآبادي ، من أن علم المنطق يعصم صورة لا مادة ، إذ قد ذكرنا سابقا ، أنّ الخطأ يمكن إرجاعه إلى الصورة أيضا.
ولكن هذا التصور للمعرفة البشرية أساسا غير صحيح ، وقد كانت هذه المسألة هي الّتي فتحت علينا أبواب التفكير وكانت المفتاح لتأليف