الّذي مفاده الطريقية سوف يتوجه عليه نفس الإشكال العرفي المتقدّم والّذي طرحه الآخوند «قده» ، بل المطلب هنا أشدّ إشكالا ممّا سبق.
٢ ـ الإشكال الثاني : هو أنّه لا يوجد عندنا عبارة واردة في دليل لفظي تقول : «إنّ الظن علم» لنبحث في انّ هذا التعبير هل هو تنزيل أو واعتبار ، وعلى تقدير كونه اعتبارا ، فهل يفي بقيام الامارة مقام القطعين الطريقي والموضوعي أو لا يفي.
إذن فيجب أن نرجع إلى دليل الحجيّة ، ومن الواضح أنّه في الأدلة اللفظية على الحجيّة ، لا يوجد مثل هذا التعبير ، وإنّما المهم من دليل الحجيّة في الشّبهات الحكمية هو السيرة العقلائية الّتي هي دليل لبّي ، فينظر إلى مقدار ما انعقدت عليه ، وهذا لا ربط له بالجعل الواحد ، والعبارة الواحدة ، فقد تكون هناك عبارة واحدة وافية بالمطلبين معا ، ولكن السيرة غير وافية بذلك ، وقد يكون العكس.
واللطيف في المقام انّ الميرزا «قده» في بحث كيفية الجمع بين الأحكام الظاهرية والواقعية ـ بعد أن حاول الجمع بينهما على أساس جعل الطريقية والكاشفية ـ استدلّ على إثبات كون المجعول في الامارات هو الطريقية ، لا بدعوى استظهاره من الأدلة اللفظية ، بل بدعوى انّ الأدلة اللفظة كلها مسوقة لبيان الإمضاء للمرتكزات العرفية ، وإتمامهم الدليل على حجيّة جعل الطريقية إنّما هو السيرة العقلائية ، فإنّها قائمة على جعل الطريقية للامارة ، وجعلها علما ، لا على جعل أحكام تكليفية ظاهرية.
ثمّ إنّه بعد دعواه هذه قال : نحن بالإمضاء الشرعي نثبت هذه السيرة ، وما دامت السيرة مبنيّة على جعل الطريقية ، إذن فبالإمضاء الشرعي نستكشف جعل الطريقية.