وحينئذ بناء عليه قلنا : إنّ لنا كلامان مع الميرزا «قده» ، وذلك أنّ كلامه في جعل الطريقية يتمّ ، لو فرض أنّ دليل جعل الطريقية يكون واردا على قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وكان واردا على دليل القطع الموضوعي ، وموجدا فردا حقيقيا في موضوع ذاك الدليل ، حينئذ يتمّ كلام الميرزا «قده» ، إذ بعملية جعل الطريقية ، وبلا حاجة إلى نظر ، لا إلى ذاك الدليل ، ولا هذا ، يترتب كلا المطلبين.
لكن قلنا إنّ هذه الفرضية غير صحيحة ، فإنّ دليل الحجيّة الّذي لسانه جعل الطريقية بالنسبة إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، ليس واردا بمجرد إنشاء الطريقية ، وإنّما يكون واردا إذا رفع ملاك قبح العقاب بلا بيان ، وذلك بأن يبرز شدّة اهتمام المولى بالأحكام الواقعية المشكوكة ، فورود دليل الحجيّة على قاعدة القبح فرع أن يكون ناظرا إلى الأحكام الواقعية ومبرزا شدّة اهتمامه بها ، إذن فهذا الورود بحاجة إلى هذا النظر.
وأمّا حكومة دليل الحجيّة على دليل القطع الموضوعي ، فمن الواضح انّ هذا بحاجة لأن يكون دليل الحجيّة ناظرا إلى دليل القطع الموضوعي ، لأنّ دليل الطريقية لا يحقّق ورودا بالنسبة إلى دليل القطع الموضوعي ، أي أنّه لا يوجد فردا حقيقيا من موضوعه ، بل يوجد فردا عنائيا ، والفرد العنائي لا يشمله إطلاق الدليل المحكوم ، بل يحتاج إسراء الحكم إليه ، إلى نظر بالنحو الّذي عرفت ، إذن ، فدليل الحجيّة يحتاج إلى نظرين حال إقامته مقام القطعين ، الموضوعي والطريقي ، نظر إلى الأحكام الواقعية ونظر إلى أحكام القطع الموضوعي.
إذن فكلامنا الثاني هو ، أنّه ما دام دليل الحجيّة بحاجة إلى نظرين ليتمّ كلا المطلبين ، إذن لا يتمّ ما أراده الميرزا «قده» في مقام جعل الطريقية.
ثمّ إنّه هنا لنا إشكالان على الميرزا «قده».
١ ـ الإشكال الأول : وهو ـ كما عرفته سابقا ـ انّ دليل الحجيّة