وهذا الطريق لإثبات الطريقية سوف تأتي مناقشته.
لكن لو فرض تمامية هذا الطريق ، وفرض أنّ جعل الطريقية تثبت بالسيرة العقلائية ، حينئذ نحن يجب أن نرجع إلى هذه السيرة لنرى أنّها هل هي ناظرة إلى أحكام القطع الموضوعي أيضا ، أو أنّها ناظرة إلى الأحكام الواقعية وتنجيزها بالامارة فقط.
ودعوى كونها ناظرة إلى أحكام القطع الموضوعي ، تارة ، يراد بها أنّها ناظرة إلى أحكام القطع الموضوعي الثابتة عند العقلاء فيما بينهم ، أي أنّهم فيما بينهم بانون على أنّ الامارة مجعولة علما بلحاظ تنجيز ما بينهم من الأحكام الواقعية ، وبلحاظ إسراء أحكام القطع الموضوعي المجعولة عند العقلاء حيث أنّ شأن العقلاء أن يجعلوا الامارة بلحاظ أحكامهم وشرعتهم ، بلحاظ تنجيز الواقع ، وبلحاظ أحكام القطع الموضوعي ، وانّ الشارع أمضى هذا فيهم.
وهذه الدعوى غير تامة ، باعتبار أنّه متى كان للعقلاء أحكام للقطع الموضوعي لنستكشف ما ذكره الميرزا «قده» ، إذ أنّ مثل هذه الأحكام غير معهودة عندهم.
وتارة ، أخرى يدّعى أنّ العقلاء ، حينما نظروا إلى القطع الموضوعي وأحكامه ، لم ينظروا إلى أحكامه عندهم ، بل نظروا إلى أحكامه عند الشارع.
وحينئذ فإن ادعي هكذا ، فهذا أوضح بطلانا ، لأنّ هذا تشريع ليس من صلاحياتهم ، إذ كل تشريع ينظر تشريعات نفسه ، لا إلى تشريعات غيره ، وعليه : فلا يمكن الاستدلال بدليل الحجيّة حتّى لو كان مفاده جعل الطريقية على إقامة الامارة مقام القطع الموضوعي ، لأنّ دليل الحجيّة ليس لفظيا ليتوهم الإطلاق فيه ، وإنّما هو السيرة العقلائية ، والسيرة إنّما انعقدت على جعل الظن علما بلحاظ تنجيز التكاليف الواقعية كما عرفت ،