وأما على مذهب الكوفيين فهو من أحسن شىء ، لأنهم يقدرون «أن» الخفيفة بمعنى «ما» ، واللام بمعنى «إلا» ؛ فتقدير الكلام : ما هذان إلا ساحران ؛ فلا خلل فى هذا التقدير إلا ما ادعوا أن اللام تأتى بمعنى «إلا».
٦٦ ـ (قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى)
من قرأ «يخيل» ، بالياء ، جعل «أن» فى موضع رفع ، لأنها مفعول لم يسم فاعله ل «يخيل».
ومن قرأ «تخيل» بالتاء ، وهو ابن ذكوان ، فإنه جعل «أن» فى موضع رفع ، على البدل من الضمير فى «تخيل» ، وهو بدل الاشتمال.
ويجوز مثل ذلك فى قراءة بالياء ، على أن يجعل الفعل ذكّر على المعنى.
ويجوز أن يكون فى قراءة من قرأ بالتاء فى موضع نصب ، على تقدير حذف «الباء» ؛ تقديره : يخيل إليه من سحرهم بأنها تسعى ، ويجعل المصدر ، و «إليه» ، فى موضع مفعول لم يسم فاعله.
٦٧ ـ (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى)
«موسى» : فى موضع رفع ب «أوجس» ، و «خيفة» : مفعول ل «أوجس» ؛ وأصل «خيفة» : خوفة ، ثم أبدل من الواو ياء وكسر ما قبلها ليصح بناء «فعلة».
وإنما خاف موسى أن يفتتن الناس.
وقيل : لما أبطأ عليه الوحى فألقى عصاه خاف.
وقيل : بل غلبه طبع البشرية عند معاينته ما لم يعتد.
٦٩ ـ (وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ
السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى)
«تلقف» : من جزم «تلقف» جعله جوابا للأمر ، ومن رفعه ، وهو ابن ذكوان ، رفع على الحال من «ما» ، وهى العصا.
وقيل : هو حال من «الملقى» ، وهو موسى ، نسب إليه التلقف ، لما كان عن فعله وحركته ، كما قال (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) ٨ : ١٧ ، وهى حال مقدرة ، لأنها إنما تلقف حبالهم بعد أن ألقاها.
«إن ما صنعوا» : ما : اسم «إن» ، بمعنى «الذي» ، و «كيد» : خبرها ؛ و «الهاء» : محذوفة من «صنعوا» ؛ تقديره ، صنعوه كيد ساحر.