النار هي التي تعرض عليهم ، كما هو الحال في «عرضتُ الناقة على الحوض» المراد منه عرض الماء على الناقة. (وما جاء في الحديث عن النبي صلىاللهعليهوآله يؤيّد هذا المعنى أيضاً ، وذلك لأنّه صلىاللهعليهوآله قال : «إذا ماتَ عُرضَ عليه مقعُدهُ من الجنّة أو من النار بالغداة والعشيّ».
* * *
وتحدّثت الآية الخامسة عن «مؤمن إل يس» (الرجل المؤمن الذّي ورد ذكر قصته في سورة «يس» ، فقد نهض هذه الرجل لدعم رُسُل المسيح عليهالسلام الذين بعثوا إلى مدينة «انطاكية» ودعا الناس ونصحهم باتباع هؤلاء الرُسُل ، لكن هؤلاء القوم المعاندين الفّجار لم يكتفوا بعدم الاكتراث بنصحه فحسب ، بل ثاروا عليه وقتلوه). قال تعالى : (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِى يَعْلَمُونَ* بِمَا غَفَرَ لِى رَبِّى وَجَعَلَنِى مِنَ الْمُكْرَمِينَ).
ومن الواضح هو أنّ هذه الجنّة ليست هي جنّة القيامة ، بل هي جنّة البرزخ ، لأنّ مؤمن إل يس تمنّى هنا لو كان قومه الذين هم في هذه الدنيا يعلمون بعاقبته ، ويعلمون بما غفر له ربّه وجعله من المكرمين!
قال المرحوم الطبرسي في «مجمع البيان» : «إنّ هذه الآية تشير إلى نَعِم القبر (البرزخ) ، لأنّ مؤمن إل يس قال هذا عندما كان قومه احياءً ، فإذا امكننا تصوّر وجود النعيم في القبر ، فإنّ تصوّر العذاب سوف يكون ممكناً أيضاً» (١).
وجاء في كثير من التفاسير أن هذا الرجل المؤمن يدعى بـ «حبيب النّجار» والسبب في اطلاق «مؤمن إل يس» عليه في بعض الروايات (٢) فالظاهر هو لأنّهُ كان رجلاً مؤمناً بالإضافة إلى ذكره في سورة «يس» ، لذا قال البعض : إِنّ «إل» هنا زائدة والمراد هو «مؤمن يس» (٣).
* * *
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، ج ٧ و ٨ ، ص ٤٢١.
(٢) تفسير الميزان ، ج ١٧ ، ص ٧٦ نقلاً عن تفسير در المنثور.
(٣) تفسير روح الجنان ، ج ٩ ، ص ٢٧٠ (تعليقة المرحوم العلّامة الشعراني).