الموجودات في وعاءٍ خاص ، مع أنّ خلايا المخ لا يمكنها أن تكون وعاءً ملائماً لهذه الموجودات بل تتأثر بها خلايا المخ فقط ، والتأثر هذا يشبه تأثر سائر أجهزة الجسم بالمؤثرات الخارجية ، ونحن ندرك ذلك بوضوح.
فإذا كان علمنا بالموجودات الخارجية يحصل بمجرد التأثّر بأيّ نحوٍ كان فهذا يستلزم حصول الإنسان على العلم عن طريق معدته أو لسانه أيضاً ، وهذا غير ممكنٍ بالبداهة. فالخلاصة : إنّ الوضع الاستثنائي لإدراكاتنا يدل على أنّ هناك حقيقة خفيّة لا تخضع مطلقاً للقوانين الفيزيائية والكيميائية أي يجب علينا أن نرضخ أمام هذه الحقيقة وهي إنّ هناك جوهراً آخر في ذواتنا وهو ما نطلق عليه اسم الروح يكون السبب في إدراك الحقائق (فتأمل).
* * *
ب) وحدة شخصية الإنسان
الدليل الآخر الذي يمكن التعويل عليه في مسألة استقلال الروح مسألة اتحاد شخصية الإنسان طوال عمره.
وتوضيح ذلك : إنّنا لو شككنا في أيّ شيء فإننا لا نشك في أننا «موجودون».
و «أنا موجود» ولا أشك أبداً في وجودي ، كما أنّ علمي بوجودي من نوع «العلم الحضوري» لا «العلم الحصولى» أي أنني حاضر لدى نفسي ولم أنفصل عنها.
على أيّة حال فإنّ علمنا بأنفسنا من أوضح المعلومات لدينا ، وهذا الأمر لا يحتاج إلى إقامة البرهان ، أمّا بالنسبة للاستدلال المعروف الذي أتى به الفيلسوف الفرنسي الشهير ديكارت لإثبات وجوده وهو : «أنا افكر إذن أنا موجود» فهو استدلال غير صحيح وغير مجدي ، لأنّه اعترف بوجود نفسه مرّتين قبل أن يثبت وجودها! فمّرة عندما قال «أنا» واخرى عندما قال «افكر» ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى فإنّ ال «أنا» لها وحدة واحدة لا تتبدل من بداية العمر حتى نهايته ، فـ «أنا