الأوساط الإسلامية لتبرير جحودهم الواضح مخالفة للآيات القرانية وجاءوا بتعبيرات في مجال المعاد الجسماني تدل في الواقع على أنّ المعاد يتحقق بالروح فقط أو بالروح مع جسم مادي غير هذا الجسم.
فتمسكوا أحياناً بالجسم النوعي وقالوا : إنّ شخصية الإنسان تتمثل بروحه وهذه الروح إذا ما تعلقت بجسمٍ ما فسوف تشكل نفس ذلك الشخص.
وقالوا أحياناً بإعادة الجسم البرزخي أي الجسم النوراني اللطيف.
وتارةً قالوا : إنّ شيئية الشي ووجوده يكمنان في صورته لا في مادته ، فحيثُما وُجِدَتْ الصورة وُجِدَ ذلك الشي ، وإنّ روح الإنسان هي قوام هذه الصورة ، بناءً على هذا فأينما وُجِدَتْ روح الإنسان فسوف تتحقق شيئيته ووجوده.
لكن هذه التعبيرات جميعها لا تتلائم مع تعبيرات القرآن الواردة في مجال المعاد الجسماني ، والسبب في سلوك هؤلاء هذا الطريق هو ولعهم بكلام بعض الفلاسفة وعجزهم عن حلّ معضلة شبهة الآكل والمأكول ، وهذا ممّا لا يليق بالعالم المسلم الذي يتمسك بتعاليم القرآن.
* * *
٣ ـ شحّة العناصر الترابية على سطح الأرض
هناك مسألة اخرى شغلت أذهان البعض واصبحت تمثّل معضلة من معضلات المعاد الجسماني هي مسألة شحّة العناصر الترابية على سطح الأرض.
توضيح ذلك : إننا إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار عدد البشر الذين وضعوا أقدامهم على الكرة الأرضية على مرّ التاريخ وكذلك البشر الذين يلونهم إلى يوم القيامة مع علمنا بأنّ هؤلاء جميعاً سوف يتحولون إلى كميّة هائلة من التراب فإنّه من الصعب جدّاً أن يكفي تراب الكرة الأرضية لإعادة هؤلاء جميعاً يوم القيامة إلّاأن نقول : إنّ البشر يبعثون يوم القيامة بحجم الدُّمى ، لكنّ هذا غير معقول أيضاً ، وعلى أيّة حال فإنّ إعادة هؤلاء البشر بهذه المواصفات تشبه عملية صنع ملايين السيارات مثلاً من كمّية من الحديد لا تزيد على الألف طن.