٤ ـ (اوَلَمْ يَرَوَا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الخَلقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ). (العنكبوت / ١٩)
٥ ـ (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ). (الاعراف / ٢٩)
* * *
جمع الآيات وتفسيرها
من يحيي العظام وهي رميم؟!
تبدأ الآية الاولى بسرد القصة المعروفة للرجل المشرك وهو إمَّا «ابَي بن خلف» أو «العاص بن وائل» أو «اميّة بن خلف» الذي جاء يحمل بيده عظماً رميماً وهو يقول سأذهب وأخاصم محمداً صلىاللهعليهوآله بهذا الدليل القاطع! وابطلُ ما جاء به عن المعاد!
فذهب إلى النبي صلىاللهعليهوآله ونادى قائلاً : «من الذي يحيي هذا العظم الرميم؟» ومن يصدق هذه الدعوى؟ ومن المحتمل أنّهُ من أجل التأكيد على خطابه سحق جزءاً من ذلك العظم ونثره على الأرض : (قَالَ مَنْ يُحْىِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ).
وبعد وقوع تلك الحادثة خاطب القرآن النبي صلىاللهعليهوآله (في خمس آيات) وأمره أن يجيب على هذا الرجل وأمثاله بقوّة ومن طرق متعددة إحداها الإشارة إلى الخلق الأول وقد بينها القرآن بعبارة وجيزة ولطيفة جدّاً ، قال تعالى : (ونَسِىَ خَلْقَهُ)!
ثم قام تعالى بشرحها فقال : (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنْشَأَهَا اوَّلَ مَرَّةٍ) فإن كنت تتصور أنّ العظام بعد أن تبلى وتنشر كل ذرّة منها في ناحية فإعادة جميع الأوصاف الاولى إليها أمرٌ محال حيث لا يوجد أحدٌ يحيط بها علماً ، فإنك في ضلالٍ بعيد ، لأنّ الله تعالى الذي خلق كل شيء : (وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ).
و «انشأها» : من مادة «انشاء» بمعنى الإيجاد والهداية وهي هنا كأنّها إشارة لهذه الحقيقة وهي أنّ الذي خلقها في البداية من لا شيء فإنّه من الأَولى أن يتمكن من خلقها مرّة اخرى من التراب.