منها هو القدْح ، لكنَّ ماجاء في تفسيرنا الثالث ينطبقُ تماماً مع التعبير بـ «الوقود» (فتأمّل).
والسؤال الوحيد الذي لم يُجَبْ عنه إنّ الخشب الذي يستخدم في الحرق يكون جافاً ، بينما عبّر عنه القرآن بـ «الشجر الاخضر».
هناك جوابان لهذا السؤال : الأول إنّ الخشب الاخضر قابل للاحتراق أيضاً وإنَّ إحراقه أصعب من إحراق الخشب الجاف ، جاء في المثل المشهور : إذا اشتعلت النار فسوف تحرق الأخضر واليابس معاً للإشارة إلى هذا الأمر.
ولو تجاوزنا هذا ، فهنالك مسألة مهمّة هي إنّ الأشجار الخضراء هي الوحيدة التي يمكنها أن تجذب وتدّخِر ضوءَ وحرارة الشمس ، ويحتمل أن يكون القرآن في صدد بيان هذه المسألة العلمية الدقيقة ، لأنّ الأشجار عندما تجفّ تتوقف فيها عملية جذب الكاربون نهائياً ، ولا تدّخر الطاقة الشمسية بأي نحوٍ كان.
على أيّة حال فإنّ الآية المذكورة تعتبر من الآيات الرائعة في مجال إثبات المعاد ، وإنّ كلّ واحد من هذه التفسيرات الثلاثة يجسِّم منظر المعاد أمام الانظار ، ولايوجد أيّ مانع في أن تكون هذه التفسيرات الثلاثة مجموعة في مفهوم هذه الآية ، فهذه التفسيرات منها ما يختصّ بالعوامّ من الناس ، ومنها مايختصّ بالخواصّ منهم ، ومنها مايختصّ بخواصّ الخواصّ ، وبعضها يختصّ بالناس الذين عاشوا في العصور الغابرة ، وبعضها يختصّ بالناس المعاصرين ، ومن المحتمل أن تكون هنالك تفسيرات أعمق وأدقّ لعلماء المستقبل في هذه الآية.
* * *
والآية الثانية من آيات سورة الواقعة ، والتي يختصّ قسم كبير من آياتها بأدلّة المعاد والقيامة ، على الأخصّ ماجاء في الآية ٥٧ فيما بعد في جوابِ منكري المعاد (المسائل السبع) الذين ذُكرتْ ادّعاءاتُهم في نفس هذه السورة في الآية ٤٧ حيث كان كلّ واحد من تلك الأجوبة دليلاً على مسألة المعاد بنفسه (١).
__________________
(١) ذكرت هذه الأدلة السبعة في تفسير الامثل ، ذيل الآية ٥٧ من سورة الواقعة.