قلت : ليس المراد ممّا ذكرنا عدم قابليّة العدالة والفسق لاناطة الحكم بهما وجودا وعدما تعبدا ، كما في الشهادة والفتوى ونحوهما ،
______________________________________________________
(قلت) : انا نقول : انّ خبر العادل يقبل في الجملة ، لانتفاء احتمال تعمد الكذب فيه ، ولا نقول : انّ كل خبر لا يحتمل فيه تعمّد الكذب يقبل حتى وان كان له منقصة اخرى ، كما اذا كان المخبر فاسقا.
وعليه : فلا يتمكن المستشكل ، أن يستشكل علينا ، بانه لو كان المناط في قبول خبر العادل عدم احتمال تعمد الكذب ، لزم قبول كل خبر لا يحتمل فيه تعمّد الكذب ، بينما لا يقبل الفقهاء خبر الفاسق ، وان علموا بانه لا يتعمد الكذب وصاروا بحيث كلما كان خبر الفاسق لم يقبلوه ، احتمل فيه تعمد الكذب ام لا ، أمّا خبر العادل ، اذا لم يمكن نفي احتمال الخطأ فيه ، كما اذا كان العادل كثير الخطأ ، أي غير ضابط فللازم قبول خبره لنفي احتمال تعمد الكذب ، هذا خلاصة الاشكال.
ولكن لا يحقّ له الاشكال ، لانه (ليس المراد ممّا ذكرنا) في معنى الآية المباركة : من التفصيل بين العادل الفاسق ، بمناط احتمال تعمد الكذب في الفاسق وعدم احتمال مثله في العادل هو : (عدم قابليّة العدالة والفسق ، لاناطة الحكم) وحجّيّة الخبر(بهما) أي بالعدالة والفسق (وجودا وعدما ، تعبّدا) بان يكون وجود العدالة سببا لقبول خبر العادل ، ووجود الفسق سببا لعدم قبول خبر الفاسق (كما) هو الأمر كذلك (في الشهادة ، والفتوى ، ونحوهما) كالقضاء ، فان كلا من الشاهد ، والمفتي ، والقاضي ، لو كان عادلا ، يقبل قوله : شهادة ، وفتوى ، وقضاء ، واذا كان فاسقا لم يقبل قوله ، فالقبول والرد من هؤلاء الثلاثة ، أيضا منوط بالعدالة والفسق ، وان علم بعدم تعمّد كذب الفاسق منهم.