وهي إنّما تدلّ على وجوب قبول خبر العادل دون خبر الفاسق ، والظاهر منها ـ بقرينة التفصيل بين العادل والفاسق حين الاخبار ، وبقرينة تعليل اختصاص التبيّن بخبر الفاسق بقيام احتمال الوقوع في الندم احتمالا مساويا ، لأنّ الفاسق لا رادع له عن الكذب ـ
______________________________________________________
(وهي انّما تدلّ على وجوب قبول خبر العادل ، دون خبر الفاسق) لمفهوم الشرط ، أو لمفهوم الوصف ـ على ما سيأتي ـ أو للتعليل ، أو غير ذلك ، من الوجوه ، الّتي ذكروها في جهة دلالة الآية على وجوب قبول خبر العادل.
(والظاهر منها بقرينة التفصيل بين العادل والفاسق حين الاخبار) أي : بقرينة أنّه سبحانه : فرّق في مقام الاخبار ، بين العادل ، فلا يجب التبيّن عن خبره ، (وبقرينة تعليل اختصاص التبيّن بخبر الفاسق : بقيام احتمال الوقوع في النّدم).
وبقيام متعلّق بالتعليل ، يعني ، انّ الله سبحانه وتعالى ، خصّ وجوب التبين بخبر الفاسق ، بتعليل : احتمال الوقوع في الندم ان لم يتبيّن (احتمالا مساويا) في الطرفين ، أي : اذا نفّذ الانسان خبر الفاسق بلا تبيّن ، احتمل أن يقع في الندم ، كما قال سبحانه وتعالى : (أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ)(١).
والمراد بالاحتمال المساوي : ان لا يقطع بهذا الجانب او ذاك الجانب ، او يظنّ بهذا الجانب أو بذلك الجانب ، فانّ في بعض الأحيان يحتمل الانسان احتمالا راجحا في أن يندم ، واحيانا يحتمل احتمالا مرجوحا ، وقد يحتمل احتمالا متساويا أي يكون شاكّا ، وانّما كان احتمالا متساويا بالمعنى الّذي ذكرناه (لأنّ الفاسق ، لا رادع له عن الكذب) ففي خبره احتمال الوقوع في الندم احتمالا من غير أن يقطع بوجود الندم ، أو بعدم وجود الندم ، وبين القطعين هذين احتمالان ،
__________________
(١) ـ سورة الحجرات : الآية ٦.