ولم ينظروا إلى ما يفتح به الكلام وإلى ما يختمه ولم يعرفوا موارده ومصادره
______________________________________________________
(يَكُونَ مَيْتَةً ، أَوْ دَماً مَسْفُوحاً ، أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ ...)(١) فانّ رأس الآية لها دلالة : على حليّة ما لم يكن في القرآن من المحرّمات ، بينما اللازم بالعمل بالسنة الواردة في سائر المحرّمات ايضا ، لأن السنّة وردت في تأويل الآية ونتيجتها.
(«ولم ينظروا إلى ما يفتح به الكلام وإلى ما يختمه») اذ قد يكون اول الكلام دليلا على ما هو المراد من آخره ، وقد يكون آخر الكلام دليلا على ما هو المراد من اوّله ، لانّ احد طرفي الكلام قرينة على الطرف الآخر.
فاذا قال ـ مثلا ـ : «أسد يرمي» فيرمي الّذي هو آخر الكلام دليل على ما هو المراد من الاسد الّذي هو اول الكلام.
واذا قال : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)(٢) ، كان «هدى» الّذي هو أوّل الكلام دليل على ما هو المراد من المتّقين الّذي هو آخر الكلام ، وهكذا.
(«ولم يعرفوا موارده ومصادره») اذ كلّ شيء يصدر من مكان ، ويرد في مكان فمصدر الفرات ـ مثلا ـ العيون ، ومورده : البحر ، ومصدر الانسان : الرحم ، ومورده : القبر ، وهكذا ، وكما يخطئ من لا يعرف المورد والمصدر ، في التكوينيّات ، كذلك يخطي من لم يعرف المورد والمصدر في التشريعيّات ، فمن لم يعرف ـ مثلا ـ المصدر لهذا المصداق بأن لم يعرف : انّ المعاطاة تؤخذ من أيّ الكلّيّات؟ هو تؤخذ من قوله تعالى : (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ)؟ (٣).
أو من قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ)(٤)؟.
__________________
(١) ـ سورة الانعام : الآية ١٤٥.
(٢) ـ سورة البقرة : الآية ٢.
(٣) ـ سورة النساء : الآية ٢٩.
(٤) ـ سورة النساء : الآية ٢٩.