بحث حول
كلام بعض المتأخرين في موضوع العلم
ذهب صاحب الكفاية الى أن تمايز العلوم بتمايز الأغراض وهذا القول ينشأ من القول بأن الموضوع في كل علم هو عين موضوع مسائل ذلك العلم فانّه قال في الكفاية (موضوع كل علم وهو ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية أي بلا واسطة في العروض هو نفس موضوعات مسائله عينا وما يتحد معها خارجا وإن كان يغايرها مفهوما تغاير الكلي ومصاديقه والطبيعي وأفراده ...) (١).
ولا يخفى أن هذا الكلام مردود بأمور. منها انّه عدول عما ذهب اليه القوم من تفسير العوارض الذاتية بما يعرض بلا واسطة أو بواسطة أمر مساو. ومنها. عدم حصول التمايز لو أخذ الموضوع هو العنوان الجامع. توضيحه ان اللازم من دعوى الاتحاد بين موضوع العلم وموضوع المسائل هو نفي الواسطة في البين فموضوع النحو الذي هو عبارة عن المعرب والمبنى متحد مع موضوع الفاعل والمفعول وغيرهما من المسائل وهكذا ليس موضوع الأصول هو الأدلة الفقهية بل كلي جامع بين موضوعات الاستصحاب والبراءة والاشتغال والأمر والنهي والعام والخاص وهكذا فالجامع هو الموضوع وإن لم يكن له اسم خاص وعنوان مخصوص كما وانه قد اعترف بذلك وصرح به في الكفاية (٢) فالجامع موجود لا محالة وهو بين الأمر والنهي عبارة عن الصيغة وبينهما وبين العام هو اللفظ المستعمل وهكذا فإذا كان العنوان
__________________
(١) كفاية الأصول : ص ٧.
(٢) نفس المصدر : ص ٨.