الجامع هو الموضوع فالأمر واضح ولا ترديد في تصور الموضوع ولكن لازم ذلك هو زوال الامتياز بين الفنون وعدم امكان حصول التمايز فإنّ هذا الجامع الكلي يسهل تصوّره في عدة من العلوم كالصرف والنحو والمعاني وغير ذلك ونظيره جنس الأجناس الجامع بين أقسام الأنواع حتى الجوهر فبهذا ينتفي التمايز بسبب الموضوعات.
وكأنّه قدسسره. تفطن بأن الموضوع بهذا المعنى لا يكون موجبا للتمييز فلذا ذهب الى أن التمايز انّما هو بالأغراض لا بالموضوعات ولا بغيرها. ولكنه يرد عليه. أولا ـ بأن الغرض يستلزم تداخل بعض العلوم في بعض المسائل بل في جميعها احيانا كما وقد التفت هو قدسسره الى ذلك واستبعده الى حد المنع العادي وقال انّه على فرض تسليم وقوعه ولكن لا يصح تدوين علمين بل في واحد الفرضين يبحث فيه تارة عن كلا المهمين وأخرى لأحدهما وهذا اقرار منه بوقوع كلامه موقع النقض ومورد الاشكال. وثانيا ـ ان هذا القول ناش من الخلط بين الغرض وبين الفائدة مع انّ بينهما عموما من وجه فانّ الغرض ما كان موردا لنظر ذي الغرض ترتب أو لم يترتب وأما الفائدة فهي الأثر المترتب سواء كان موردا لنظر الفاعل أو لم يكن ومواد الاجتماع والافتراق معلومة ومن الواضح ان فنيّة الفن ليس باعتبار تدوينه بل هذا أمر سابق على التدوين مع ان الغرض لا يتعلق إلّا بعد التدوين والقول بدوران فنية الفن مدار التدوين مخالفة للوجدان لعدم متابعتها له كما عرفت وإلّا لزم التعدد فيما اذا اختلف الغرض من التدوين. وبعبارة أخرى. انه لو كان التدوين مما له دخل في فنية الفن لزم اختلاف الفن الواحد باختلاف كيفية التدوين.