الحرمة بالنسبة الى الحكم التكليفي بل المقصود تنجز الحكم الواقعي أو العذر عنه فإذا ثبت التنجز فالاشتغال اليقيني يستدعى البراءة اليقينية فالتعبير متحد بين الحكمين إلّا أن المفاد يختلف فمؤدى الوجوب والحرمة في الحكم الظاهري هو التنجز والعذر ولكن الحكم بالنسبة الى الأفعال مولوي ففي الحقيقة هنا قضيتان مختلفتان موضوعا ومحمولا وقد اختلط الأمر بينهما ـ إحداهما الحكم الواقعي وموضوعه أفعال المكلفين ومحموله الأحكام التكليفية والثانية الحكم الظاهري وموضوعه الحكم التكليفي ومحموله التنجز أو العذر فالأحكام الظاهرية موضوعها عين محمول الأحكام الواقعية وأما الموضوع في الأحكام الواقعية فهو أفعال المكلفين كما عرفت ولكنهما قد اشتركا في التعبير ومجرد هذا الاشتراك لا يكون منشأ لاجتماع الضدين أو المثلين ـ وأيضا ـ ان الصبي بما أنه ليس بمكلف فلو علم بالحكم الواقعي أو جهله فليس لهذا التنجز والعذر أثر في حقه وهذا أيضا مما يبين عدم تمامية ما ذهب اليه صاحب الكفاية قدسسره من عدم التفكيك بين الفعلية والتنجز ـ هذا ملخص الكلام في مرحلة الامكان وحاصله انّ الظن برزخ بين القطع والشك فحكمه أيضا برزخ بين حكميهما فهو قابل للحجية ولكن ليست بذاتية له كالأول ولا ممتنعة كالثاني وهذه المسألة وإن كانت واضحة إلّا أنه مع ذلك قد نسب الى ابن قبة وبعض من امتناع الحجية بالنسبة الى الخبر الواحد (١) ولكن لا اختصاص لذلك بخبر الواحد وإن كانت مبحوثا عنها فيه بل تشمل مطلق الامارات غير العلمية وملخص ما نسب اليه أمران.
الأول ـ لزوم جواز التعبد بخبر الواحد في الإخبار عن الله على تقدير حجيته والتالي باطل فالمقدم مثله ـ ولا يخفى أن هذا الدليل على فرض تماميته لا يدل على الامتناع الذاتي بل يدل على عدم الجواز مع ان محل النزاع في المرحلة الأولى هو أن
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ ، ص ١٠٥.