وعلى القول بالامتناع أو خروج العموم والخصوص المطلق عن محلّ النزاع فلا بدّ من جواب آخر ، وقال صاحب الكفاية قدسسره (١) في مقام الجواب عنه : إنّ النهي تنزيهي عن صوم يوم عاشوراء بعد الإجماع على أنّه يقع صحيحا ، ومع ذلك يكون تركه أرجح كما يظهر من مداومة الأئمّة عليهمالسلام على الترك ، إمّا لأجل انطباق عنوان ذي مصلحة على الترك ، مثل مخالفة بني اميّة ، وإمّا لأجل ملازمة الترك كعنوان كذلك ، فيكون الترك ـ كالفعل ـ ذا مصلحة موافقة للغرض ، وإن كان مصلحة الترك أكثر فهما حينئذ يكونان من قبيل المستحبّين المتزاحمين ، فلا يرتبط بمسألة اجتماع الأمر والنهي ، هذا ملخّص كلامه قدسسره.
واستشكل عليه استاذنا السيّد الإمام قدسسره (٢) بأنّ الترك عدمي لا ينطبق عليه عنوان وجودي ، ولا يمكن أن يكون ملازما لشيء ، فإنّ الانطباق والملازمة من الوجوديّات التي لا بدّ في ثبوتها لشيء من ثبوت ذلك الشيء ، ولذا يكون تقسيم العدم إلى عدم المطلق وعدم المضاف وعدم الملكة نوع من المسامحة ، ولذا لا يصحّ تعلّق الطلب بالترك في باب النواهي ، بل النهي زجر عن الوجود كما أنّ الأمر بعث إليه.
ولكن مع قطع النظر عن إشكال الإمام قدسسره يرد عليه إشكال آخر وهو : أنّه لمّا عرفت أنّ في مورد الواجبات لا يوجد أزيد من حكم واحد ، وكذا في مورد المحرّمات أيضا ، فعليه يكون ترك الواجب ليس بحرام بل فعله واجب ، وترك المحرّم ليس بواجب بل فعله حرام ، وهكذا في الاستحباب والكراهة ، فإذا كان الشيء مستحبّا فلا يتّصف تركه بالكراهة كما أنّ الشيء إذا كان
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) تهذيب الاصول ١ : ٤١٤ ـ ٤١٦.