إلى المكلّف أنّ
ما ليس بموجود في الخارج يصير بيده موجودا ، وهذا لا يكون شيئا آخر غير الطبيعة.
سلّمنا أنّ الوجود
الخارجي المأمور به والمنهي عنه مؤثّر في ترتّب الآثار والمصالح والمفاسد ، ولكنّه
لا يدلّ على أنّ متعلّق الأمر والنهي أيضا وجودهما خارجي ؛ إذ لا طريق لتحقّق
الغرض والإيصال إليه إلّا بتعلّق الأمر بالطبيعة ، وتوهّم عدم إمكان التفكيك بين
متعلّق الأمر ومحصّل الغرض باطل ، بعد الإثبات بالأدلّة الثلاثة أنّ متعلّق
الأحكام هي الطبيعة ، هذا أمر عقلائي ووجداني.
وبذلك يدفع توهّم
آخر ، وهو : أنّ المتعلّق إن كانت الطبيعة فلا بدّ من الالتزام بكفاية الوجود
الذهني للمأمور به أيضا في مقام الامتثال ، فإنّ الوجود الذهني كالوجود الخارجي
واقعيّة من الواقعيّات.
وجوابه : أنّ
الغرض من الأمر معلوم لنا ولا شبهة فيه ، وهو إيجاد المأمور به وتحقّق الطبيعة في
الخارج ، لا مجرّد واقعيّة الطبيعة ولو تحقّقت بالوجود الذهني ؛ إذ لا يترتّب عليه
شيء من الآثار.
إذا لاحظت هذه
المقدّمات الثلاثة يظهر أنّ اجتماع الأمر والنهي وتصادقهما في شيء واحد جائز ، ولا
يتصوّر مانع منه ؛ إذ أثبتنا في المقدّمة الاولى أنّ سراية الحكم عن دائرة متعلّقه
إلى أمر خارج عنها ممتنع ؛ إذ الحكم تابع للملاك ، وهو لا يتحقّق في الخارج عن
المتعلّق ، فلا يسري الوجوب عن دائرة الصلاة ، وكذا الحرمة عن دائرة الغصب.
وأثبتنا أيضا في
المقدّمة الثانية أنّ معنى أصالة الإطلاق بعد جريان مقدّمات الحكمة في مثل الصلاة
واجبة غير معنى أصالة العموم ، وهو : أنّ