والشرطية ظاهرة ، فإنّ ما يكون واجبا لا يجوز تركه ، والفعل في الأوّل الوقت يجوز تركه ، فلا يكون واجبا ، ويكون نفلا ، لأنّه يثاب بفعله مع جواز تركه.
لا يقال : إنّه ليس بنفل ، لأنّ النّفل يجوز تركه مطلقا طول العمر ، وهذا لا يجوز تأخيره عن جميع الوقت.
ولأنّ النّفل لا يجب العزم على فعله الّذي هو بدل الفعل بتقدير تركه ، وهذا يجب فيه بدل هو العزم.
لأنّا نجيب عن الأوّل : بأنّا لم نقل إنّه نفل مطلقا ، بل في أوّل الوقت ، لجواز تركه فيه ، مع أنّه يثاب بفعله فيه.
وعن الثاني بما سيأتي من بطلان البدل.
والجواب : المنع من الملازمة.
والتحقيق أن نقول : هذا الواجب في الحقيقة يرجع إلى الواجب المخيّر ، وذلك : أنّ الله تعالى أوجب عليه إيقاع هذا الفعل في هذا الوقت ، ومنعه من إخلائه عنه ، وسوّغ له الإتيان في أيّ جزء كان من هذا الوقت وعدمه في أيّ جزء كان ، بشرط الإتيان به في بعض الآخر.
فإنّ اختار المكلّف إيقاعه في أوّله ، فقد فعل الواجب ، وكذا لو اختار في وسطه أو آخره ، كما أنّ الواجب المخيّر يتّصف الجميع فيه بالوجوب ، على معنى : أنّه لا يجوز الإخلال بالجميع ، ولا يجب الإتيان بالجميع ، والأمر في اختيار أيّ واحد منها مفوّض إلى رأي المكلّف.