وأيضا ، لو صحّ وقوع الواجب اتّفاقا ، لم يخرج الباري تعالى من كونه مخيّرا لنا بين الواجب وما ليس بواجب ، ومبيحا لنا الإخلال بالواجب ، وإن علم أنّا لا نخلّ به.
وأيضا ، فالإجماع على أنّ من كفّر بواحدة ، لو كفّر بغيرها ، أجزأه ، وكان مكفّرا بما تعبّد به ، فلو لم يكن واجبا ، لم يكن مجزئا.
وإن كان لاختياره تأثير ، فإمّا أن تكون مصادفة الاختيار لأيّ فعل أشير إليه ، تجعله مصلحة ، حتّى يكون الاختيار هو المؤثّر في كون [الفعل] المختار صلاحا ، أو تكون مصادفته لواحدة من الكفّارات الثلاث ، هو المصلحة.
فإن كان الأوّل ، جاز أن يكفّر بغير الثلاثة.
وإن كان الثاني ، فإمّا أن يشترك الثلاث في الوجه الّذي فارقت به غيرها ، وهو أن صار الفعل مصلحة إذا قارنه الاختيار ، أو لا تشترك ، بل الواحد منها هو المختصّ بهذا الوجه.
فإن كان الثاني ، كان ما هو مصلحة إذا اخترناه واحدا منها لا غير ، فيمتنع أن يخيّر الله تعالى فيه وفي غيره ، ويجب عدم الإجزاء لو فعلنا غيره ، والإجماع واقع على الإجزاء بغيره.
وإن اشتركت ، وجب أن يكون كلّ واحد منها لو فعله ، سدّ مسدّ الآخر في المصلحة ، وهو مذهبنا بعينه إلّا في شيء واحد ، وهو : أنّكم قلتم : للاختيار تأثير
__________________
ـ المكلّفين ـ صدفة ـ على اختيار ما هو الواجب واقعا ، وهذا محال عادة مع طول الأزمنة. وهذا يشبه بصدور الفعل المتقن من الجاهل بإتقان الفعل أو تمييز الجاهل ، الصادق من الأنبياء من الكاذب ، مع عدم الخبرويّة له.