ومنهم من لم يؤثم.
ومنهم من توقّف في المبادر أيضا ، وخالف في ذلك إجماع السّلف.
والحقّ : أنّ الأمر يدلّ على الطلب المشترك بين الفور والتراخي ، ولا دلالة على أحدهما إلّا من خارج ، وإنّ الآتي به على الفور والتراخي ممتثل.
لنا وجوه :
الأوّل : أنّه قد ورد فيهما ، فيكون حقيقة في القدر المشترك ، وهو مطلق الطلب ، دفعا للمجاز والاشتراك.
والموضوع للقدر المشترك لا إشعار فيه بخصوصيّة لأحد جزئيّاته ، لأنّ تلك الخصوصيّة مغايرة للمشترك ، وغير لازمة له ، فانتفت الدّلالات الثلاث.
الثاني : يحسن تقييده بكلّ منهما ، من غير نقض ولا تكرار ، فكان للمشترك بينهما.
الثالث : حكم أهل اللّغة بالتسوية بين «يفعل» و «افعل» إلّا في الخبريّة والأمريّة ، والخبر لا إشعار له بشيء من الأوقات ، لصدقه عند الإتيان به في أيّ وقت كان من المستقبل ، فكذا الأمر ، وإلّا لافترقا فيما عدا ذلك.
الرابع : قال أهل اللّغة : «افعل» أمر ، وهو مشترك بين الأمر بالشيء على الفور وعلى التراخي ، فإنّ الأمر على الفور مع قيد الفوريّة ، والأمر على التراخي مع قيد التراخي (١) ووجود المفرد لازم لوجود المركّب ، فمسمّى الأمر قدر مشترك.
__________________
(١) في «أ» : أو مع قيد الفورية ... أو مع قيد التراخي.