ولأنّ العمل بالفتوى ، والشهادات ، وقيم المتلفات ، وأروش الجنايات ، وتعيين القبلة عند الظنّ ، واجب بالإجماع.
وإنّما وجب ترجيح الرّاجح على المرجوح ، وهو حاصل هنا ، فوجب العمل به (١).
وفيه نظر فإنّ الأمر إذا دلّ على مطلق الرّجحان ، الّذي هو جنس للوجوب والنّدب ، لم يبق فيه دلالة على الوجوب ، وشرعيّة المنع من الترك ، مرجوحة بالنّسبة إلى شرعيّة الإذن فيه ، أمّا أوّلا فللأصل الدالّ على البراءة وعلى العدم.
وأمّا ثانيا فللظنّ بأنّه لو كان على وجه المنع من الترك ، لبيّنه ، وأزال الشكّ والالتباس ، ولم يقتصر في الدّلالة على ذلك ، مع أنّه يستحقّ تاركه العقاب على لفظ شامل للوجوب وغيره.
الخامس عشر : للوجوب معنى تشتدّ الحاجة إلى التعبير عنه ، فوجب أن يوضع له لفظ مفرد يدلّ عليه ، لوجود القدرة على الوضع ، والدّاعي ، وانتفاء المانع ، وهي «افعل» ، لانتفاء غيرها بالإجماع.
أمّا عند الخصم ، فلأنّه (٢) ينكر ذلك على الإطلاق.
وأمّا عندنا ، فلأنّا نقول به في غير صيغة «افعل».
لا يقال : نمنع الدّاعي وشدّة الحاجة إلى التّعبير ، والحاجة إلى التعريف
__________________
(١) الاستدلال مذكور في المحصول : ١ / ٢٢٧.
(٢) في «أ» : فإنّه.