وفيه نظر إذ العصيان ليس مطلق الترك ، وإلّا لكان تارك المباح عاصيا ، من حيث امتنع عن فعله ، بل تارك المحرّم ، وهو باطل بالعرف إجماعا.
وكذا تارك المندوب لا يكون عاصيا عرفا ، بل العاصي في العرف هو التارك لما أوجبه الأمر.
والاستدلال بالاشتقاق ، قد عرفت ضعفه.
السادس : دعا صلىاللهعليهوآلهوسلم أبا سعيد الخدري (١) وهو في الصّلاة فلم يجبه ، فقال عليهالسلام : ما منعك ألا تستجيب ، وقد سمعت قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ)؟ (٢). (٣)
ذمّه على ترك الاستجابة عند مجرّد الأمر ، ولو لا أنّه للوجوب ، لما صحّ ذلك.
لا يقال : لا يصحّ الاستدلال بخبر الواحد في العلميّات.
وأيضا نمنع ذمّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم له ، بل أراد بيان مخالفة دعائه لدعاء غيره.
لأنّا نقول : بل المسألة ظنيّة فيكتفى فيها بالظنّ ، وهي وإن لم يكن عملية (٤) إلّا أنّها ذريعة إلى العمل ، إذ لا فرق بين حصول ظنّ الحكم وحصول
__________________
(١) سعد بن مالك بن سنان الأنصاري ، أبو سعيد الخدريّ المتوفّى سنة ٧٤ ه. لاحظ طبقات الفقهاء : ١ / ١١٥ ، برقم ٣٣.
(٢) الأنفال : ٢٤.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه : ٥ / ٢٠ كتاب التفسير ، باب ما جاء في فاتحة الكتاب ؛ وأبو داود في سننه : ٢ / ٧١ ، رقم الحديث ١٤٥٨ ولكن الحديث في المصادر ينتهي إلى أبي سعيد بن المعلّى فلاحظ.
(٤) في «أ» : علميّة.