اختيارهم ، وليس هناك وجوب ، فقد كان يجوز في هذا اللفظ المخصوص بالأمر أن يكون أمرا ، وحينئذ توجد هذه الحروف بعضها ولا يكون أمرا.
الثاني : لو كان الأمر يتعلّق بالمأمور من غير قصد المتكلّم ، لم يمتنع أن يقول أحدنا لغيره : افعل ويريد منه الفعل ، فلا يكون أمرا ، أو لا يريد منه الفعل ، فيكون أمرا ، وذلك معلوم البطلان.
الثالث : لو تغاير لفظ الأمر ولفظ غيره ، لوجب أن يكون للقادر سبيل إلى التمييز بينهما ، ولمّا انتفى ، علمنا اتّحاد اللّفظ.
الرابع : هذا القول يقتضي صحّة أن نعلم أنّ أحدنا أمر وإن لم نعلمه مريدا ، إذا كان القصد لا تأثير له ، ومن المعلوم أنّ أحدنا إذا كان امرا ، فلا بدّ من كونه مريدا ، وإنّما خالفنا المجبّرة في الله تعالى.
الخامس : هذا القول يقتضي انحصار من يقدر على أن يأمره في كلّ حال ، حتّى يكون القويّ بخلاف الضعيف.
بيان الوجوب : أنّ القدرة الواحدة لا تتعلّق في الوقت الواحد ، في المحلّ الواحد ، من الجنس الواحد بأكثر من جزء واحد ، وحروف قول القائل : «قم» مماثلة لكلّ ما هذه صورته من الكلام ، فيجب أن يكون أحدنا قادرا من عدد هذه الحروف في كلّ وقت على قدر ما في لسانه من القدرة ، وهذا يقتضي انحصار عدد من يصحّ أن يأمره ، ومعلوم خلاف ذلك.
لا يقال : إذا جاز أن يفعل أحدنا بالقدرة الواحدة في كلّ محلّ كونا في جهة بعينها ، ولم يجب أن يقدر على كون واحد يصحّ وجوده في المحالّ على البدل بالإرادة ، فإلّا جاز مثله في الألفاظ.