سلّمنا ، لكن نمنع استحالة تحقّق الوجوب بدون العقاب ، فإنّه يكفي فيه استحقاق المدح بفعله ، والذمّ بتركه.
ولأنّ العذاب يجوز إسقاطه بعفو أو شفاعة ، فلا يكون لازما للواجب.
والآية الثانية لا دلالة فيها إلّا على نفي عذر المكلّفين بانقطاع الرّسل.
وعن الثاني : لم لا يجب الشكر بمجرّد كونه شكرا لا لشيء آخر ، فإنّه لا يلزم ثبوت الغايات لكلّ شيء ، وإلّا لزم التسلسل ، بل لا بدّ وأن ينتهي إلى ما يكون واجبا لذاته ، ولا غاية له سوى ذاته ، كما أنّ دفع الضرر واجب لذاته ، لا لغاية أخرى.
ولهذا يعلّل العقلاء وجوبه ، بكونه شكرا للنّعمة ، لا لشيء آخر ، وإن لم يعلموا شيئا آخر من جهات الوجوب.
سلّمنا ، لكن لم (١) لا يجب لفائدة اجلة عائدة إلى المكلّف ، [و] هي الثواب؟
قوله : «يمكن إيصالها بدون الشكر».
قلنا : ممنوع ، فإنّ الثواب نفع مستحقّ ، وصفة الاستحقاق إنّما تحصل بواسطة العمل.
قوله : «جلب النفع غير واجب فلا يجب سببه».
قلنا : ممنوع ، فإنّ المنافع تختلف ، فجاز وجوب بعضها عقلا ، ولا نسلّم أنّ أداء الواجب ، لا يقتضي شيئا آخر.
__________________
(١) في «أ» و «ب» : سلّمنا فلم.