الثاني عشر : لو كان الحسن والقبح ذاتيّين ، لزم قيام المعنى بالمعنى ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله.
بيان الشرطيّة : أنّ حسن الفعل زائد على مفهوم ، وإلّا لزم من تعقّل الفعل تعقّله ، وهو ثبوتيّ ، لأنّ نقيضه وهو لا حسن عدميّ ، وإلّا استلزم محلّا ثانيا ، وهو عرضيّ للفعل ، وإلّا افتقر في تصوّر الفعل إلى تصوّره ، فيلزم قيام الحسن بالفعل ، وقد تبيّن في علم الكلام امتناع قيام العرض بالعرض.
الثالث عشر : لو قبح الفعل أو حسن لغير الطلب ، أعني الأمر والنهي ، لم يكن تعلّق الطلب لنفس الفعل ، لتوقّفه على أمر زائد ، وهو لازم على الجبائيّة. (١)
الرابع عشر : لو كان الحسن والقبح لذات الفعل أو لصفته ، لم يكن الباري تعالى مختارا في الحكم ، لأنّ الحكم بالمرجوح على خلاف المعقول ، فيجب الراجح ، فلا اختيار.
الخامس عشر : قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)(٢) نفى التعذيب من دون البعثة ، فلا يكون الفعل قبيحا ولا حسنا قبلها.
والجواب عن الأوّل : وهو أقوى شبّههم من حيث النقض ومن حيث المعارضة.
أمّا الأوّل : فنقول : لم لا يجوز ألّا يتمكّن من الترك؟
قوله : «يلزم الاضطرار».
__________________
(١) قال الفاضل القوشجي في شرح تجريد الاعتقاد للطوسي : ٤٤١ : ذهب الجبائيّ إلى نفي الصّفة الحقيقيّة فيهما مطلقا فقال : ليس حسن الأفعال وقبحها بصفات حقيقيّة فيهما ، بل لوجوه اعتباريّة وصفات إضافيّة يختلف بحسب الاعتبارات ، كما في لطمة اليتيم تأديبا وظلما.
(٢) الإسراء : ١٥.