إرادته ، والملجئ مريد لما يفعله.
ألا ترى أن أحدنا إذا ألجأ هربا من السبع الى العدو على الشوك والخسك فهو مريد لذلك العدو وان كان مضرا به.
ومن قال : ان كون الحي منا مريدا مشروط بكونه جسما ، ومنع من كونه تعالى قادرا من حيث لم يكن جسما ، فإذا وقعت المحاسبة على أنه لا تعلق لكونه قادرا بكونه جسما ، ولا مناسبة ، نقل ذلك الى كونه مريدا.
والذي يوضح ما ذكرنا أن كون أحدنا مشتهيا لما كان لا يصح الا على من يجوز عليه الانتفاع ، لأن الشهوة لا تتعلق الا بالمنافع ، لم يجعل كون الحي حيا مطلقا مصححا لكونه مشتهيا ، بل قلنا ان كونه حيا بحياة هو المصحح لكونه مشتهيا ، ولم نقل مثل ذلك في تصحيح كون الحي لكونه قادرا عالما ، من حيث لم نجد فيه ما وجدناه في كونه مشتهيا.
فكذلك القول في كون الحي مريدا ، أن المصحح له هو كونه حيا مطلقا دون كونه جسما ، كما قلنا في كونه قادرا عالما.
والذي اعتمده القوم في منع تقدم ارادة القديم تعالى على فعله غريبا (١) تضمنه السؤال من تعجيل المسرة ، بل قالوا : ان تقدم الإرادة فينا يقتضي توطين النفس وتخفيف الكلفة في الفعل المراد. وهذا الوجه لا يليق به تعالى ، فلا وجه لتقديم إرادته.
فأما ما ختمت به المسألة من أنه لا يجب أن يعرف ما لأجله وقعت صحة الإرادة على كون المريد جسما ، كما لا يجب أن يعلم ما لأجله كانت صفة الذات فيه تعالى تقتضي كونه عالما.
فغير صحيح ، لان كون الحي منا حيا إذا كان مصححا لصفات كثيرة ، منها
__________________
(١) ظ : غير ما تضمنه.