وأي عاقل يشك في
أن جميع المسلمين في بر وبحر وسهل وجبل وقرب وبعد لا يذهبون الى تحريم الزنا
والخمر ، وان أحدا منهم لم يذهب في الجد والأخ إذا تفردا بالميراث الى أن المال
للأخ دون الجد ، وأنهم لا يختلفون الان وان كان في هذه المسألة خلاف قديم بين الأنصار
، في أن التقاء الختانين لا يوجب الغسل.
ولو شككنا في هذا
مشكك فقال : في فقهاء الأمة وعلمائها من يذهب الى مذهب الأنصار ، ان الماء من
الماء. لعنفناه ونكبناه ، وان كنا لا نعرف فقهاء الأمة وعلماءها في الأمصار على
التعيين والتمييز.
وكما ان مذاهب
الأمة بأجمعها محصورة معلومة ، فكذلك مذاهب كل فرقة من فقهائها وطائفة علمائها ،
فان مذاهب أبي حنيفة محصورة بالروايات المختلفة عنه مضبوطة ، وكذلك مذاهب الشافعي
، وان كانت له أقوال مختلفة في بعض المسائل ، فقد فرق أصحابه والعارفون بمذهبه بين
المذهب الذي له فيه أقوال وبين ما ليس له فيه الّا قول واحد.
فلو أن قائلا قال
لنا : إذا كنتم لا تعرفون أصحاب أبي حنيفة في البر والبحر والسهل والجبل والحزن
والوعر ، فلعل فيهم من يذهب الى ما يخالف من اجتمع ممن تعرفون علمه ، وكذلك لو قال
في مذاهب الشافعي ، لكنا لا نلتفت الى قوله ، ونقول :
قد علمنا ضرورة
خلاف ما تذكرونه ، وقطعنا على أن أحدا من علماء أصحاب أبي حنيفة أو أصحاب الشافعي
لا يذهب قريبا كان أو بعيدا ، الى خلاف ما عرفناه ووقع الإطباق عليه من هذه
المذاهب ، وأن التشكيك في ذلك كالتشكيك في سائر الأمور المعلومة.
وإذا استقرت هذه
الجملة وكان مذهب الإمامية أشد انحصارا وانضباطا