__________________
ولكن هذا من الحب المخزون عنده لا المحتظى منه لجميع الموحدين.
والمخزون هذا الّذي قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما روى عنه عن الله تبارك وتعالى أنه قال : «ما تقرب إلى عبدى بمثل ما افترضت عليه ، وإن عبدى ليتقرب إلى بعد ذلك بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه وبصره ويده ورجله وفؤاده ولسانه ، فبى يسمع ، وبى يبصر ، وبى يبطش ، وبى يعقل ، وبى ينطق ، وبى يمشى».
فهذا محبوب يستعمله ربه وفى قبضته ، وله الثبات من ربه وله الكلاءة والرعاية.
وروى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن الليل والنهار أربع وعشرون ساعة ، ولله فى كل ساعة صدقة على عبيده ، وما تصدق على امرئ بشيء أفضل من أن يلهمه الذكر».
(عبد الرزاق)
وفى ذكر الله تعالى خمس خصال : رضا الله تعالى ، ورقة القلب ، وزيادة الخير ، وحرز من الشيطان ، ومنع من ركوب المعاصى ، فما ذكره الذاكرون إلا بذكره لهم ، وما عرفه العارفون إلا بتعريفه إياهم ، وما وحده الموحدون إلا بعلمه لهم ، وما أطاعه المطيعون إلا بتوفيقه لهم ، وما أحبه المحبون إلا بتخصيص محبته لهم ، وما خالفه المخالفون إلا بخذلانه لهم ، فكل نعمة منه عطاء ، وكل محنة منه قضاء ، وما أخفته السابقة أظهرته اللاحقة.
وللذكر ثلاثة مقامات :
ذكر باللسان : وهو ذكر عامة الخلق ، وذكر بالقلب : وهو ذكر خواص المؤمنين ، وذكر الروح : وهو لخاصة الخاصة ، وهو ذكر العارفين بفنائهم عن ذكرهم وشهودهم إلى ذاكرهم ومنته عليهم.
والذكر تختلف أنواعه وتتعدد ، والمذكور واحد لا يتعدد ولا يتحدد ، وأهل الذكر أحباب الحق من حيث اللوازم.
وهو على ثلاثة أقسام : ذكر جلى ، وذكر خفى ، وذكر حقيقى.
فالذكر الجلى لأهل البداية وهو ذكر اللسان ، بصرف الشكر والثناء والحمد بتعظيم النعم والآلاء عن العهد ، وحسنته بعشرة إلى سبعين.
والذكر الباطن الخفى لأهل الولاية ، وهو ذكر سر القلب بالخلاص من الفترة ، والبقاء مع المشاهدة بلزوم مشاهدة الحضرة وحسنته بسبعين إلى سبعمائة.