بالجهل به اعتقاد عدم صحته ، فإن ذلك علم نافع ، أو أراد به الإعراض عنه وترك الالتفات إلى اعتباره ، فإن ذلك يصون علم الرجل وعقله فيكون علما بهذا الاعتبار ، وعنه أيضا : من طلاب العلم بالكلام تزندق ، ومن طلب المال بالكيمياء أفلس ، ومن طلب غريب الحديث فقد كذب (١).
وقال الإمام الشافعي رحمهالله : حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال ، ويطاف بهم في العشائر والقبائل ، ويقال : هذا جزاء من ترك الكتاب والسّنّة وأقبل على كلام (٢) أهل البدعة وقال أيضا :
كل العلوم سوى القرآن مشغلة |
|
إلا الحديث وإلا الفقه في الدين |
العلم ما كان فيه قال : حدّثنا |
|
وما سوى ذاك وسواس الشياطين (٣) |
ومن كلامه أيضا لأن يلقى الله العبد بكل ذنب خلا الشرك خير له من أن يلقاه بشيء من علم الكلام ، وقال : لقد أطلعت من أهل الكلام على شيء ما ظننت مسلما يقوله ، وذكر أصحابنا (٤) في الفتاوى أنه لو أوصى لعلماء بلده لا يدخل المتكلمون ، ولو
__________________
ـ خلق القرآن ، واحتجّ بها ، ودعا إليها. مترجم في سير أعلام النبلاء ١٠ / ١٩٩.
(١) أخرجه الخطيب البغدادي في شرف أصحاب الحديث ٤ من طريق جعفر بن محمد الفريابي حدّثنا بشر بن الوليد ، قال : سمعت أبا يوسف يقول : كان يقال : من طلب الدين بالكلام تزندق ، ومن طلب غريب الحديث كذب ، ومن طلب المال بالكيمياء أفلس.
وأورده الإمام الذهبي في السّير ٨ / ٥٣٧ في ترجمة أبي يوسف ، وهو في ذمّ الكلام للهروي ٦ / ١٠٤ / ١.
(٢) وفي شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز ١ / ١٨ وأقبل على الكلام. والكلام هنا ـ أي كلام السلف ـ نقله الشارح القاري بأكمله من شرح الطحاوية فانظره هناك.
وقول الشافعي : ذكره البيهقي في مناقب الشافعي ١ / ٤٦٢ ، والخطيب في «شرف أصحاب الحديث» ١٦٨ ، وابن حجر في توالي التأسيس ص ٤٦ ، والذهبي في السير ١٠ / ٢٩.
والإمام الشافعي : هو عالم عصره ، وناصر الحديث ، وفقيه الملّة أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي القرشي المطلبي العنزي المولد ، أحد الأئمة المتبوعين توفي سنة ٢٠٤ ه ، مترجم في السير ١٠ / ٥ ـ ٩٩.
(٣) البيتان منسوبان للشافعي في طبقات السبكي ١ / ٢٩٧ ، والبداية والنهاية لابن كثير ١٠ / ٢٥٤ ، والمرتضى الزبيدي في «الأمالي الشيخونية» فيما نقله عن صديق حسن خان في «الحطة» ص ٤٦.
وهما منسوبان لبعض علماء الشاش في «شرف أصحاب الحديث» ص ٧٩ ، و «الإلماع» ص ٤١ ، و «صون المنطق والكلام» ص ١٤٧ للسيوطي.
(٤) في الطحاوية ١ / ١٨ الأصحاب بدلا من أصحابنا.