بسم الله الرّحمن الرّحيم
خطبة الكتاب
الحمد لله واجب الوجود. ذي الكرم والفضل والجود. الأول القديم بلا ابتداء. والآخر الكريم بلا انتهاء. لم يزل ولا يزال صاحب نعوت الكمال. من صفات الجلال والجمال. المنزّه عن سمات النقصان والحدوث والزوال. والصلاة والسلام على أكمل مظاهر الحق. في مرأى الخلق. نبي الرحمة. وشفيع الأمة. وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين. وعلى أتباعه وأشياعه إلى يوم الدين.
أما بعد ... فيقول أفقر العباد إلى برّ ربّه الباري علي بن سلطان محمد القاري. عاملهما الله بلطفه الخفي. وكرمه الوفي : اعلم أن علم التوحيد الذي هو أساس بناء التأييد أشرف العلوم تبعا للمعلوم ، لكن بشرط أن لا يخرج من مدلول الكتاب والسّنّة وإجماع العدول ، ولا يدخل فيه مداخل مجردة لأدلة العقول كما وقع فيه أهل البدعة ، فتركوا طريق الجادة التي عليها السّنّة والجماعة ، كما أخبر به الصادق وفق الواقع المطابق على ما رواه الترمذي وغيره أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ بني إسرائيل تفرّقت على اثنتين وسبعين ملة وتفرّق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة ، قالوا : من هي يا رسول الله؟ قال : ما أنا عليه وأصحابي» (١).
وفي رواية أحمد وأبي داود عن معاوية رضي الله عنه : «اثنتان وسبعون في النار ، وواحدة في الجنة وهي الجماعة» (٢). يعني أكثر أهل الملّة ، فإن أمته عليه الصلاة والسلام
__________________
(١) إسناده حسن ، أخرجه أبو داود ٤٥٩٦ ، والترمذي ٢٦٤٠ ، وابن ماجة ٣٩٩١ ، وأحمد ٢ / ٣٣٢ ، وصحّحه ابن حبان ٦٧٣١ و ٦٢٤٧ ، والحاكم ١ / ١٢٨ ، وأبو يعلى ٥٩١٠ و ٣٩٩١ ، وابن أبي عاصم في السنة ٦٦ كلهم من حديث أبي هريرة. قال الترمذي : حديث حسن صحيح. وذكره الألباني في الصحيحة برقم ٢٠٣.
(٢) أخرجه أبو داود ٤٥٩٧ ، وأحمد ٤ / ١٠٢ ، وابن أبي عاصم في السنة ٢ و ٦٥ كلهم من حديث معاوية وهو حديث صحيح بما قبله ، وله شاهد آخر من حديث أنس عند ابن ماجة ٣٩٩٣ ، وأحمد ٣ / ١٤٥ ، وابن أبي عاصم ٦٤ قال الألباني في تخريج السّنّة عقب حديث أنس : «والحديث صحيح قطعا لأن له ستّ طرق أخرى عن أنس وشواهد عن جمع من الصحابة». وهو في صحيحه برقم ٢٠٤.