لا تجتمع على الضلالة (١) على ما ورد عنه عليه الصلاة والسلام ، وفي رواية : عليكم بالسواد الأعظم ، وعن سفيان رضي الله عنه : لو أن فقيها واحدا على رأس جبل لكان هو الجماعة ومعناه أنه حيث قام بما قام به الجماعة فكأنه جماع ومنه قوله تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً) (٢). أي وحده ، وقد قيل :
وليس على الله بمستنكر |
|
أن يجمع العالم في واحد |
وقد قال ابن عباس رضي الله عنه : تكفّل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضلّ في الدنيا ولا يشقى في العقبى (٣) ، ثم قرأ هذه الآية : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى) (٤). وأما ما وقع من كراهة أكثر السلف وجمع من الخلف ومنعهم من علم الكلام وما يتبعه من المنطق وما يقربه من المرام حتى قال الإمام أبو يوسف (٥) رحمهالله لبشر المريسي (٦) : العلم بالكلام هو الجهل ، والجهل بالكلام هو العلم ، وكأنه أراد
__________________
(١) أخرجه الحكم ١ / ١١٥ ـ ١١٦ ، والطبراني في الكبير ٣ / ٢٠٩ / ١ ، وابن أبي عاصم في السنة ٨٠ من حديث ابن عمر بإسناد ضعيف.
ولفظه : «ما كان ليجمع هذه الأمة على الضلالة أبدا ، ويد الله على الجماعة هكذا فعليكم بسواد كذا الأعظم ، فإنه من شذّ شذّ في النار».
(٢) النحل : ١٢٠.
(٣) أخرجه الحاكم ٢ / ٣٨١ ، وصحّحه ووافقه الذهبي من طريق محمد بن فضيل بن غزوان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بلفظ «أجار الله تابع القرآن من أن يضلّ في الدنيا أو يشقى في الآخرة ، ثم قرأ : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى) ، قال : لا يضلّ في الدنيا ولا يشقى في الآخرة. وأورده السيوطي في الدرّ المنثور : ٤ / ٣١١ ، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة ، والفريابي ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، ومحمد بن نصر ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في «شعب الإيمان» من طرق عن ابن عباس. وأخرجه عبد الرزاق في المصنّف ٦٠٣٣ من طريق ابن عيينة ، عن عطاء بن السائب ، قال : قال ابن عباس : من قرأ القرآن ، فاتّبع ما فيه ، هداه الله من الضلالة في الدنيا ، ووقاه يوم القيامة الحساب ، وذلك أن الله تعالى يقول : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى).
(٤) طه : ١٢٣.
(٥) هو الإمام المجتهد العلّامة المحدّث ، كبير القضاة ، أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري الكوفي ، صحب أبا حنيفة سبع عشرة سنة ، وتفقّه به ، وهو أنبل تلامذته وأعلمهم ، توفي سنة ١٨٢ ه. سير أعلام النبلاء ٨ / ٥٣٥ ـ ٥٣٩.
(٦) هو بشير بن غياث المريسي ، أبو عبد الرحمن العدوي ، مولاهم البغدادي ، فقيه متكلّم معتزلي ، رأس الطائفة المريسية ، أخذ الفقه عن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة ـ رحمهماالله ـ روى عنه حمّاد بن سلمة وغيره ، توفي سنة ٢١٨ ه وقد قارب الثمانين. قال الذهبي في ميزان الاعتدال : مبتدع ضالّ لا ينبغي أن يروى عنه ولا كرامة ، ولم يدرك جهم بن صفوان وإنما تقلّد مقالته في ـ