وصفيّه ونقيّه ولم يعبد الصنم ولم يشرك بالله تعالى طرفة عين قطّ ولم يرتكب صغيرة ولا كبيرة قطّ. وأفضل الناس بعد النبيّين عليهم الصلاة والسلام أبو بكر الصديق ، ...
____________________________________
وفلتات لسانه ويزيده قوله تعالى : (وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (١). (وصفيّه ونقيّه) أي مصطفاه بأنواع من الكرامات وحقائق المقامات الدنيوية والأخروية وفي نسخة بزيادة ومنتقاه أي مختاره ومجتباه من بين مخلوقاته كما يشير إليه قول القائل :
لولاه لم تخرج الدنيا من العدم (٢)
(ولم يعبد الصنم) أي ولا غيره لقوله : (ولم يشرك بالله طرفة عين قطّ) أي لا قبل النبوة ولا بعدها فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون عن الكفر مطلقا بالإجماع ، وإن جوّز بعضهم صدور الصغيرة بل الكبيرة قبل النبوّة بل وبعدها أيضا في مقام النزاع ، وأما هو صلىاللهعليهوسلم فكما قال الإمام الأعظم رحمهالله (ولم يرتكب صغيرة ولا كبيرة قطّ) وأما قوله تعالى : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) الآية. وكذا قوله تعالى : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى) (٣) الآية. فمحمول على ترك الأولى بالنسبة إلى مقامه الأعلى (وأفضل الناس بعد النبيين عليهم الصلاة والسلام) أي بعد وجوده لأنه خاتم النبيين حال شهوده ، وأما عيسى فقد وجد قبله ، وإن كان يقع نزوله بعده ولا يبعد أن يقال : أراد الإمام الأعظم البعدية الزمانية ففي شرح المقاصد ذهب العظماء من العلماء إلى أن أربعة من الأنبياء في زمرة الأحياء الخضر وإلياس في الأرض وعيسى وإدريس في السماء (٤).
والحاصل : أن أفضل الناس بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام (أبو بكر الصديق)
__________________
(١) البقرة : ٧٢.
(٢) مستند هذا الشاعر حديث موضوع ولفظه : «لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك». قال الصغاني موضوع. انظر كشف الخفاء : ٢١٢٣.
(٣) الأنفال : ٦٧.
(٤) أما حياة عيسى وإدريس فهي حياة لا يعلمها إلا الله وأما حياة الخضر وإلياس فمستند هؤلاء حديث موضوع أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات ١ / ١٩٦ ـ ١٩٧ : من حديث علي بن أبي طالب يجتمع في كل يوم عرفة جبريل وميكائيل وإسرافيل والخضر ...». وقال : وأما حديث اجتماعه مع جبريل ففيه عدة مجاهيل لا يعرفون وقد أغرى خلق كثير من المهوسين بأن الخضر حيّ إلى اليوم.
ورووا أنه التقى بعلي بن أبي طالب وبعمر بن عبد العزيز وأن خلقا كثيرا من الصالحين رأوه وصنّف بعض من سمع الحديث ولم يعرف علله كتابا جمع فيه ذلك ولم يسأل عن أسانيد ما نقل وانتشر الأمر إلى أن جماعة من المتصنّعين بالزهد يقولون : رأيناه وكلّمناه فوا عجبا ألهم فيه علامة؟! وهل يجوز لعاقل أن يلقى شخصا فيقول له الشخص أنا الخضر فيصدقه؟ ا. ه.