وله يد ووجه ونفس كما ذكره الله تعالى في القرآن ، فما ذكره الله تعالى في القرآن من ذكر الوجه واليد والنفس ...
____________________________________
في الكلام احتراسا ، ومجمل الكلام وزبدة المرام أن الواجب لا يشبه الممكن ، ولا الممكن يشبه الواجب ، فليس بمحدود ولا معدود ولا متصوّر ولا متبعّض ولا متحيّر ، ولا متركّب ، ولا متناه ولا يوصف بالمائية والماهية ، ولا بالكيفية من اللون والطعم والرائحة والحرارة والبرودة واليبوسة ، وغير ذلك مما هو من صفات الأجسام ، ولا متمكّن في مكان لا علو ولا سفل ولا غيرهما ، ولا يجري عليه زمان كما يتوهمه المشبهة والمجسمة والحلولية ، وليس حالّا ولا محلا (ولا) أي لله سبحانه (يد ووجه ونفس كما ذكره الله تعالى في القرآن) أي كما يليق بذاته وصفاته : (فما ذكره الله تعالى في القرآن من ذكر الوجه) أي كقوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (١). وقوله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (٢). وقوله تعالى : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) (٣). وقوله تعالى : (إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) (٤). (واليد) أي كقوله تعالى : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) (٥). وقوله تعالى : (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) (٦).
وقوله تعالى : (فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) (٧) (والنفس) أي كقوله تعالى حكاية عن عيسى : (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ) (٨). وأما ما قيل من أن إطلاق النفس عليه سبحانه من باب المشاكلة فمدفوع حيث ورد من غير المقابلة كما في حديث «أنت كما أثنيت على نفسك» (٩) ، والتحقيق أن النفس باعتبار مأخذه من النفس بالتحريك لا يصحّ إطلاقه عليه سبحانه ، وإما باعتبار أخذه من النفس فيجوز إطلاقه عليه سبحانه ، لأنه سبحانه أنفس الأشياء ، وأعزّها ، وكذا العين في قوله تعالى : (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي) (١٠). وكذا بصيغة الجمع في قوله تعالى : (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ
__________________
(١) القصص : ٨٨.
(٢) البقرة : ١١٥.
(٣) الرحمن : ٢٧.
(٤) الليل : ٢٠.
(٥) الفتح : ١٠.
(٦) ص : ٧٥.
(٧) يس : ٨٣.
(٨) المائدة : ١١٦.
(٩) تقدم تخريجه ص ٤٨ رقم : ١١.
(١٠) طه : ٣٩.