والصلاة خلف كل برّ وفاجر من المؤمنين جائزة ...
____________________________________
رحمهالله تعالى (والصلاة خلف كل برّ وفاجر) أي صالح وطالح (من المؤمنين جائزة) أي لقوله صلىاللهعليهوسلم : «صلّوا خلف كل برّ وفاجر». أخرجه الدارقطني عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وكذا البيهقي وزاد قوله : «صلوا على كل برّ وفاجر وجاهدوا مع كل برّ وفاجر» (١). فمن ترك الجمعة والجماعة خلف الإمام الفاجر فهو مبتدع عند أكثر العلماء ، والصحيح أنه يصلّيها ولا يعيدها.
وكان ابن مسعود وغيره يصلّون خلف الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، وكان يشرب الخمر حتى أنه صلى بهم الصبح مرة أربعا ، ثم قال : أزيدكم ، فقال ابن مسعود : ما زلنا معك منذ اليوم في زيادة (٢) ، وفي المنتقى (٣) سئل أبو حنيفة رحمهالله عن مذهب أهل السّنّة والجماعة ، فقال : أن تفضل الشيخين أي أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وتحب الختنين أي عثمان وعليّا رضي الله عنهما ، وأن ترى المسح على الخفّين وتصلّي خلف كل برّ وفاجر (٤).
__________________
ـ وتمامه : «أبي بكر وعمر».
(١) أخرجه الدارقطني ٢ / ٥٧ ، ومن طريقه البيهقي ٤ / ١٩ من رواية ابن وهب ، حدّثنا معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث ، عن مكحول عن أبي هريرة ، قال الدارقطني : مكحول لم يسمع من أبي هريرة ، ومن دونه ثقات.
(٢) رواه عمر بن شبة فيما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب ٣ / ٥٩٦ ـ ٥٩٧ عن هارون بن معروف عن ضمرة بن ربيعة ، عن ابن شوذب قال : صلى الوليد بن عقبة ... ، وفي صحيح مسلم ١٧٠٧ من طريق حضين بن المنذر ، قال شهدت عثمان وأتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين ثم قال : أزيدكم ، فشهد عليه رجلان أحدهما : حمران أنه شرب الخمر ، وشهد آخر أنه رآه يتقيأ ، فقال عثمان : إنه لم يتقيأ حتى شربها ، فقال : يا علي قم فاجلده ، فقال علي : قم يا حسن فاجلده ، فقال الحسن : ولّ حارّها ، من تولّى قارّها ، فكأنه وجد عليه فقال يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده فجلده وعليّ يعدّ حتى بلغ أربعين فقال : أمسك ، ثم قال : جلد النبي صلىاللهعليهوسلم أربعين وجلد أبو بكر أربعين وعمر ثمانين ، وكلّ سنّة ، وهذا أحبّ إليّ. وانظر الإصابة ٣ / ٦٠١ ، وأسد الغابة ٥ / ٤٥١ ـ ٤٥٣.
(٣) المنتقى : لعلي بن أبي بكر الفرغاني الراشدي أحد الأئمة الفقهاء ، له تصانيف كثيرة منها الهداية والتجنيس والمزيد ، توفي سنة ٥٩٣ ه.
والمنتقى : لمحمد بن محمد الشهير بالحاكم الشهيد البلخي ، صنّف المنتقى ، والكافي ، وهما أصلان من أصول المذهب بعد كتاب محمد ، توفي سنة ٣٤٤ ه.
(٤) هذا الكلام موجود أيضا في شرح العقائد النسفية ص ٢٥٥. وهذا القول مأخوذ من قول الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه فإنه قال : «ومن السّنّة أن تفضل الشيخين ، وتحب الختنين ، وترى المسح على الخفّين». انظر فتح القدير ١ / ٩٩.